للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة، ثم بعد ذلك توقف، وقال: لو صح حديث طاوس لقلتُ به (١)، ولما زدت على الوالد شيئًا؛ لأن الوالد هو الذي له أن يرجع في هبته التي يهبها ابنه، وغير الوالد ليس له ذلك، وسنبين بأن هذا الحديث قد صحَّ، وقد تمَّ وَصْله وحينئذٍ يكون مذهبًا للإمام الشافعي -رحمه الله-.

قَوْله: (مَا لَمْ يَتَزَوَّجْ الِابْنُ، أَوْ لَمْ يَسْتَحْدِثْ دَيْنًا أَوْ بِالجُمْلَةِ مَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ حَقٌّ للْغَيْرِ) (٢).

والعلماء وَضَعوا قيودًا وشروطًا لذلك، فقالوا: للأب أن يرجع في هبته التي وهبها ولده لكن بشروطٍ، ومن هَذِهِ الشُّرُوط: أَنْ تَكُونَ الهبةُ مَوْجودةً لا تزَال قائمةً عند الولد، وألَّا يكون أخرجها ببيع، وألَّا يكون أخذ عنها عوضًا، وألا يكون الولد بحاجةٍ، واختلفت المذاهب في ألا يكون زاد عليها أيضًا، فإذا غيَّر فيها وبدَّل، فإن ذلك يمنع من الرجوع فيها، فالرجوع ليس على إطلاقه، لكن من حيث الأصل فللأب أن يرجع في هبته.

قَوْله: (وَأَنَّ لِلأمّ أَيْضًا أَنْ تَعْتَصِرَ مَا وَهَبَتْ إِنْ كَانَ الأَبُ حَيًّا) (٣).


(١) قال الماوردي: وهذا صحيح، والحديث متصل. انظر: "الحاوي الكبير" (٧/ ٥٤٥).
(٢) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البَر (٧/ ٢٣٥) قال: قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا فيمن نحل ولده نحلًا، أو أعطاه عطاءً ليس بصدقة أن له أن يعتصر ذلك ما لم يستحدث الولد دينًا يداينه الناس به، ويأمنونه عليه من أجل ذلك العطاء الذي أعطاه أبوه، فليس لأبيه أن يعتصر من ذلك شيئًا بعد أن تكون عليه الديون، أَوْ يعطي الرجل ابنه أو ابنته فتنكح المرأة الرجل، وإنما تنكحه لغناه وللمال الذي أعطاه أبوه، فيريد أن يعتصرَ ذلك الأب أو يتزوج الرجل المرأة قد نحلها أبوها النحل، إنما يتزوجها ويرفع في صداقها لغناها ومالها وما أعطاها أبوها، ثم يقول الأب: أنا أعتصر ذلك، فليس له أن يعتصر من ابنه ولا من ابنته شيئًا من ذلك إذا كان على ما وَصفت لَكَ.
(٣) يُنظر: "حاشية العدوي" (٢/ ٢٥٨) قال: "قوله: وأما الأم" أي: دنية "قوله: فإنها لا تعتصر" أي: ما وهبته لولدها سواء كان صغيرًا أو كبيرًا. =

<<  <  ج: ص:  >  >>