للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَائدةٌ:

وُجُود الفواصل والنقط أمرٌ مفيد جدًّا، فأحيانًا يقع الإنسان في خطإٍ نتيجة عدم إدراكه لوجود فاصلٍ، أو نقطة تدلُّ على انتهاء الكلام؛ ولذلكَ نرى أن الكتب التي تعنى بمثل هذه العلامات فيها فوائدُ كبيرةٌ وتوجيهيةٌ للقارئ بانتهاء الكلام أو باستفهام أو بتعجُّب، وهكذا؛ فلا نظن أنها من الشكليات التي لا فائدة منها.

قوله: (وَمَنْ رَأَى أَنَّ الإِبَاحَةَ لِمُعَاذٍ فِي ذَلِكَ هِيَ إِبَاحَة لِغَيْرِهِ مِنْ سَائِرِ المُكَلَّفِينَ وَهُوَ الأَصْلُ، قَالَ: لَا يَخْلُو الأَمْرُ فِي ذَلِكَ الحَدِيثِ الثَّانِي مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ).

والأصل في الأحكام العموم، ولكي نقول بالتخصيص لا بد من دليلٍ، وهذا بيانٌ، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز (١).

ثم قلنا: إنه قد حَصَل للرسول - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الخوف، ودعوى أن صلاة الخوف تختلف عن غيرها، وأنه جاز فيها ما لم يَجُز في غيرها - مردودٌ بأن صلاةَ الخوف لها عدَّة صِفَاتٍ.

قوله: (إِمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ العُمُومُ الَّذِي فِيهِ لَا يَتَنَاوَلُ النّيَّةَ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ إِنَّمَا هُوَ فِي الأَفْعَالِ، فَلَا يَكُونُ بِهَذَا الوَجْهِ مُعَارِضًا لِحَدِيثِ مُعَاذٍ (٢)، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ يَتَنَاوَلُهَا، فَيَكُونُ حَدِيثُ مُعَاذٍ قَدْ خَصَّصَ ذَلِكَ العُمُومَ، وَفِي النِّيَّةِ مَسَائِلُ لَيْسَ لَهَا تَعَلُّقٌ بِالمَنْطُوقِ بِهِ مِنَ الشَّرْعِ رَأَيْنَا


(١) سبقت.
(٢) انظر: "المجموع شرح المهذب"، للنووي (٤/ ٢٧٢)، وفيه قال: "وأمَّا الجواب عن حديث: "إنَّما جُعِلَ الإمام ليؤتم به"، فهو أن المراد ليؤتم به في الأفعال لا في النية، ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّما جُعِلَ الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا سجد فاسجدوا"، إلى آخره".

<<  <  ج: ص:  >  >>