للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ مُعَارَضَةُ مَفْهُومِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ ليُؤْتَمَّ بِهِ"، لِمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ مُعَاذٍ مِنْ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ يُصَلِّي بِقَوْمِهِ).

المؤلف قَدْ جاء بمعنى الحديث، وهنا لفظان: لفظ "إنه كان يصلي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة عشاء الآخرة، ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة" (١).

وزيادة غير "الصحيحين": "هي له تطوع، ولهم مكتوبة العشاء" (٢)؛ فهذا نص صريِح في زمن الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وقد اشتهر ذلك أيضًا بين الصحابة أن معاذًا كان يُصلِّي مع رسول الله، فلا يمكن أن يُقدِمَ على عملٍ من الأعمال دون أن يتأكَّد من صحتها، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعيش بين أظهرهم.

قوله: (فَمَنْ رَأَى ذَلِكَ خَاصًّا لِمُعَاذٍ، وَأَنَّ عُمُومَ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ"، يَتَنَاوَلُ النِّيَّةَ - اشْتَرَطَ مُوَافَقَةَ نِيَّةِ الإِمَامِ لِلْمَأْمُومِ).

دَعْوَى التخصيص هنا تحتاج إلى دليلٍ، فهذا حكم شرعي لا يختلف فيه معاذ عن غيره، فإن صحَّ لمعاذٍ، وجاز له أن يفعل ذلك، فليجوز لغيره؛ لأنه لَمْ يرد دليلٌ على التخصيص (٣).


(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) تقدَّم تخريجه.
(٣) انظر: "شرح النووي على مسلم" (١٤/ ١٨)، وفيه قال: "وتأولوا حديث معاذ - رضي الله عنه - على أنه كان يُصلِّي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - تنفلًا، ومنهم مَنْ تأوله على أنه لم يعلم به النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومنهم مَنْ قال حديث معاذ كان في أول الأمر، ثم نسخ، وكل هذه التأويلات دعاوى لا أصلَ لها، فلا يترك ظاهر الحديث بها".

<<  <  ج: ص:  >  >>