نخيلٍ، كما قد يكون الموقوف دورًا، أو عمائرَ؛ موقوفة على مدارسَ، أو قناطرَ، أو مساجدَ، أو مساكينَ، أو أناسٍ معينين، وهذه المسألة فيها كلام جيدٌ وقفت عليه وهو للحنابلة، والشافعية.
فمن أدقِّ المذاهب في هذا مذهب الإمامين الشافعي وأحمد؛ لأنهما فرَّقا بين الأمرين؛ فقسَّما الأموال المحبوسة الأصول -أعني الموقوفة- إلى قسمين:
القسمُ الأوَّل: أموالٌ موقوفةٌ على جهاتٍ معينةٍ: كالأموال التي توقف على المساجد؛ بناءً وترميمًا وصيانةً ومحافظةً عليها، أو الأموالُ التي توقف على المدارس في بنائها وتشييدها، وفي الإنفاق على طلابها وفي القيام بشؤونها، وكذلك الأموال التي توقفُ على شقِّ الطرقاتِ، وعلى القناطرِ، وحفر الآبارِ، وكذلك أيضًا الأموالُ التي توقفُ على إقامة العمائر والمساكن التي يسكن فيها الأيتام والعجزة والمحتاجون، ومثلها الأموالُ التي توقفُ على الفقراءِ والمساكين، فهذه كلها معدودةٌ في هذين المذهبين جهاتٌ عامةٌ؛ لأنَّ مصلحتها عامةٌ لا تقتصر على إنسانٍ بعينهِ.
القسمُ الثَّاني: أن توقفَ على إنسانٍ أو أناسٍ معينين.
ففرَّق أصحاب المذهبين بين هؤلاء وهؤلاء، فقالوا: إنَّ الأموال التي توقف على جهاتٍ عامةٍ لا زكاة فيها؛ لأن هذه نفعها ظاهرٌ، مال أُوقف لتبنى به المساجد، أو لتبنى به المدارسُ، لتشقَّ به الطرق، لتقام به المستشفياتُ، ليعالج به المرضى، لتبنى به المدارسُ، والمساكنُ التي يقيم فيها طلَّاب العلم من المحتاجين أو من الفقراء، وقفًا على الفقراء والمساكين، هذا لا زكاةَ فيه، لكن إذا أُوقفت أموالٌ على زيدٍ من الناس، أو زيدٍ وبكرٍ، فهذه ينبغي أن تزكَّى.
وبعض أهل العلم لم يفصِّل هذا التفصيل، وفي نظري أنَّ هذا هو الرأي الذي يلتقي مع روح الشريعة الإسلامية؛ كما في الحجر على مال السفيهِ؛ لما في ذلك من إرجاعه إلى الحقِّ، ولذلك يقول الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لتأمرنَّ بالمعروف ولتنهونَّ عن المنكر، ولتأخذنَّ على يدي الظالمِ،