للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاخْتَلَفَ الفُقَهَاءُ: هَلْ يُغْسَلُ الذَّكَرُ كُلُّهُ مِنَ المَذْيِ أَمْ لَا؟ لِقَوْلِهِ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- فِي حَدِيثِ عَلِيِّ المَشْهُورِ، وَقَدْ سُئِلَ عَنِ المَذْيِ فَقَالَ: "يَغْسِلُ ذَكَرَهُ وَيَتَوَضَّأُ" (١)، وَسَبَبُ الخِلَافِ فِيهِ هَلْ هُوَ الوَاجِبُ هُوَ الأَخْذُ بِأَوَائِلِ الأَسْمَاءِ أَوْ بِأَوَاخِرِهَا؟ فَمَنْ رَأَى أَنَّهُ بِأَوَاخِرِهَا (أَعْنِي: بِأَكْثَرِ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الاسْمُ)، قَالَ بغْسَلِ الذَّكَرِ كُلِّهِ، وَمَنْ رَأَى الأَخْذَ بِأَقَلِّ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ قَالَ: إِنَّمَا يُغْسَلُ مَوْضِعُ الأَذَى فَقَطْ قِيَاسًا عَلَى البَوْلِ، وَالمَذْيِ.

البَابُ الرَّابِعُ: فِي الشَّيءِ الَّذِي تُزَالُ بِهِ

وَأَمَّا الشَّيْءُ الَّذِي بِهِ تُزَالُ، فَإِنَّ المُسْلِمِينَ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ المَاءَ الطَّاهِرَ المُطَهِّرَ يُزِيلُهَا مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ المَحَالِّ، وَاتَّفَقُوا أَيْضًا عَلَى أَنَّ الحِجَارَةَ


= (٣٥٥)، قال: حدثنا هشام بن عمار، حدثنا صدقة بن خالد، حدثنا عتبة بن أبي حكيم، حدثني طلحة بن نافع أبو سفيان، حدثني أبو أيوب الأنصاري، وجابر بن عبد الله، وأنس بن مالك: أن هذه الآية نزلت: {فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ}، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يا معشر الأنصار، إن الله قد أثنى عليكم في الطهور، فما طهوركم؟ "، قالوا: نتوضأ للصلاة، ونغتسل من الجنابة، ونستنجي بالماء. قال: "فهو ذاك، فعليكموه".
وأخرج الطبراني في "المعجم الكبير" (٨/ ١٢١) عن شهر بن حوشب، عن أبي أمامة -رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأهل قباء: "ما هَذَا الطهور الذي خُصصتم به في هذه الآية: {فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا} {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبة: ١٠٨]؟ "، قالوا: يا رسول الله، ما منا أحد يخرج من الغائط إلا غسل مقعدته.
(١) أخرجه مسلم (٣٠٣) عن عليٍّ قال: كنت رجلًا مذاءً وكنت أستحيي أن أسأل النبي -صلى الله عليه وسلم- لمكان ابنته، فأمرت المقداد بن الأسود فسأله، فقال: "يغسل ذَكَره ويتوضَّأ".

<<  <  ج: ص:  >  >>