للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن هذا الجانب يختلف النذر عن الفرائض والواجبات كالصلاة والزكاة والصوم والحج في أن هذه الفرائض إنما أَوجَبَها الشرعُ وأَوجَبَ الأحكامَ المترتبةَ عليها، أما النذر فإن الإنسانَ هو مَن أَوجَبَه على نفسه وَأَلزَمَ نفسَهُ به.

[أحوال النذر]

النذر قد يكون مُنَجَّزًا وقد يكون مُعَلَّقًا.

النذر المُنَجَّزُ: كأن يقول الإنسان: (لله عَلَيَّ أن أُصَلِّيَ ركعتَيْن) أو: (أن أُصَلِّيَ أربع ركعاتٍ) يقصد بها التطوُّعَ لله بذلك.

النذر المُعَلَّقُ: كأن يقول الإنسان: (إن شَفَى اللهُ مريضِيَ سأصوم شهرًا)، بمعنى أن يُقَيِّدَ نَذْرَهُ بشَرْطٍ من الشروط متى ما وُجِدَ الشرطُ وَجَبَ الوفاء بالنذر.

وقد يحصل الشرط الذي شَرَطَهُ الإنسانُ للوفاء بنذره، ولكن يصادف أن يتعارض الوفاء بالنذر مع عبادةٍ مماثلةٍ، كأن يحصل الشرط في رمضان مثلًا ويكون النَّاذِرُ قد نَذَرَ صيامَ شهرٍ؛ فحينئذٍ يعالج العلماء هذا الإشكال بأن يصومَ النَّاذِرُ شهر رمضان لأنه رُكنٌ ويدخُلُ فيه صيام النذر تبعًا (١)،


= على معصية (أو غضبان) فأولى على غير معصية، وغير غضبان".
ويُنظر في مذهب الشافعية: "غاية المحتاج"، للرملي (٨/ ٢١٨)؛ حيث قال: "وشرعًا: الوعد بخير بالتزام قربة على وجه يأتي، فلا يلزم بالنية وحدها وإن تأكد في حقه أيضًا ما نواه".
ويُنظر في مذهب الحنابلة: "كشاف القناع"، للبهوتي (٦/ ٢٧٣)؛ حيث قال: " (وهو)؛ أي: النذر (إلزام مكلف مختار نفسه لله تعالى بالقول شيئًا غير لازم بأصل الشرع كـ) قوله (عليَّ لله أو نذرت لله ونحوه) كـ: لله علي كذا، ونحوه مما يؤدي معناه".
(١) هذا على مذهب الأحناف خلافًا للجمهور، يُنظر: "حاشية ابن عابدين على الدر المختار" (١/ ٤٤٠)؛ حيث قال: "ولو نذر صوم جميع عمره ثم وجب صوم شهرين عن ظهار أو أوجب صوم شهر بعينه ثم قضى فيه صوم رمضان جاز من غير أن يلحقه شيء". اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>