للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (وَإِنَّمَا ذَهَبَ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ إِلَّا بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ الثَّلَاثَةِ، لِأَنَّ الشَّرْعَ إِنَّمَا وَرَدَ بِهَذ الْأَلْفَاظِ الثَّلَاثَةِ، وَهِيَ عِبَادَةٌ، وَمِنْ شَرْطِهَا اللَّفْظ، فَوَجَبَ أَنْ يُقْتَصَرَ بِهَا عَلَى اللَّفْظِ الشَّرْعِيِّ الْوَارِدِ فِيهَا).

هكذا قال أهل الظاهر (١)، لكن كلام أهل الظاهر مردودٌ من السنة، كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الحقي بأهلك" (٢)، وبعضهم يضيف خليةً أو بريةً أو بائنةً كالمالكية والحنابلة في روايةٍ، لكن المسَلَّم هو لفظ الطلاق وما اشتقَّ منه، أما الألفاظ الأخرى التي هي خلية وبرية والتي هي الفراق والسراح هذه عند الحنابلة (٣) والشافعية (٤) من الصريح، وعند غيرهم ليست من الصريح (٥)، فالكنايات منها ما هو صريحٌ ومنها ما هو كناية عند المالكية والحنابلة، والذين ذهبوا إلى أنَّ لفظ السراح والفراق ليست من ألفاظ الطلاق الصريح قالوا لأنها تقال في الطلاق وفي غيره، وذكرنا الأدلة من القرآن العزيز على أنها تطلق ويراد بها الطلاق، وتطلق ويراد بها غير الطلاق.

[عدم التسرع في الطلاق]

والطلاق من أعظم الأمور وأشدها، وينبغي للمسلم ألّا يتسرع فيه


(١) قال ابن حزم في "المحلى" (١٠/ ١٨٦): "لم يذكر الله تعالى حل الزوج للزوجة إلا بهذه الألفاظ فلا يجوز حل عقدةٍ عُقدت بكلمة الله عز وجل وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - إلا بما نص الله عز وجل عليه".
(٢) أخرجه البخاري (٥٢٥٤) عن عائشة - رضي الله عنها -: أن ابنة الجون، لما أدخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودنا منها، قالت: أعوذ باللّه منك، فقال لها: "لقد عذت بعظيم، الحقي بأهلك".
(٣) هي عندهم وعند الشافعية من الكنايات. يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (٣/ ٨٧) حيث قال: "فالكناية الظاهرة خمسة عشر أنت خليةٌ، وأنت بريةٌ، وأنت بائنٌ .... ولفظ فراق، و) لفظ (سراح وما تصرف منهما) ".
(٤) يُنظر: "تحفة المحتاج"، لابن حجر الهيتمي (٨/ ١٣)، وفيه قال: (وكنايته) أي الطلاق ألفاظ كثيرةٌ بل لا تنحصر (كأنت خلية) أي: من الزوج فعيلة بمعنى فاعلة (برية) أي منه (بتة) أي: مقطوعة الوصلة.
(٥) هي عند الكل من الكنايات كما تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>