للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك الحال في النفقة الواجبة على الزوج، فلو أن زَوْجَ المرأة كان لا يستطيع الإنفاق عليها وتنازَلَت الزوجةُ عن هذا الحقِّ واستطاعت أن تؤَمِّن نفقتها من طريقٍ آخر غير الزوج فإن لها ذلك، أما لو أنها سكتَت عن حقِّها هذا ثُم طالَبَت به بعد ذلك فهناك خلافٌ بين أهل العلم في ثُبُوته لها أم لا (١).

[استدلال آخر للحنفية]

وقد استدلَّ الحنفية كذلك على مذهبهم - كما ذَكَرْنَا - بقراءة عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: (فإن فاؤوا فيهن) (٢)، وقالوا: إن هذه القراءة يُفهَم منها أن هذا الأجل المضروب ينتهى بانتهاء الأشهُر الأربعة، ولذا فإن الفيئة ينبغي أن تكون فيها.

ردُّ الجمهور على استدلال الحنفية بقراءة ابن مسعود:

أما الجمهور فإنهم قد رَدُّوا هذا الاستدلال كذلك، وقالوا: بل إن المطالَبة تبدأ بعد هذه المدة، واستدلُّوا على ذلك بقول الله تعالى: {فَإِنْ فَاءُوا}؛ لأن الفاء إنما هي للتعقيب والترتيب، ولذا فإنها تدلُّ على أن ذلك يأتي بعد انتهاء المدة.

ولا شكَّ أن مذهب الجمهور هو الأقوى والأيسر في هذه المسألة.


(١) يُنظر: "المغني" لابن قدامة (٧/ ٥٥٦)، حيث قال: "فإن عفت عن المطالبة بعد وجوبها، فقال بعض أصحابنا: يسقط حقها، وليس لها المطالبة بعده. وقال القاضي: هذا قياس المذهب؛ لأنها رضيت بإسقاط حقها من الفسخ لعدم الوطء، فسقط حقها منه، كامرأة العنين إذا رضيت بعنته. ويحتمل أن لا يسقط حقها، ولها المطالبة متى شاءت. وهذا مذهب الشافعي؛ لأنها تثبت لرفع الضرر بترك ما يتجدد مع الأحوال، فكان لها الرجوع، كما لو أعسر بالنفقة، فعفت عن المطالبة بالفسخ، ثم طالبت، وفارق الفسخ للعنة؛ فإنه فسخ لعيبه، فمتى رضيت بالعيب، سقط حقها".
(٢) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>