للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باقتصار الإيلاء على أن يكون باسمٍ من أسماء الله تعالى أو صفةٍ من صفاته عز وجل؛ فيُستَفَاد من هذا أن الإيلاء إنما يَحصُل إذا وُجِد يمينٌ، أما إذا لم يكن يمينٌ فإن الإيلاء لا يَحصُل، فلو أن إنسانًا تَرَكَ زَوجَتَه دون أن يُجامِعَها فالصحيح في هذا الفعل منه أنه لا ينطلق عليه اسم الإيلاء، وإن كان في المسألة شيءٌ من الخلاف.

ومن المعلوم أن عبد الله بن عباسٍ هو حَبْرُ هذه الأمَّة، وهو الذي دعا له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يُفقِّهَه اللّهُ في الدِّين ويُعلِّمَه التأويلَ، فهو مِن أَعلَمِ الصحابة بكتاب الله عز وجل وأَكثَرِهم له فَهْمًا (١).

[ومن المسائل التي يتناولها هذا الباب]

سبب الإيلاء: بمعنى أن الرجل الذي يُولِي من زوجته ويحلف ألَّا يطأها أربعةَ أشهرٍ أو أكثر من ذلك، هل يُولِي منها بسبب الغضب فقط، أم أن إيلاءَه منها يُعتَبَرُ في كلِّ أحواله.

وقد وَرَدَ في هذا أثرٌ عن عليِّ بن أبي طالب (٢) وعبد الله بن عباسٍ (٣) - رضي الله عنهما - أنهما قالا: "الإيلاء في حالة الغضب".

والصحيح: أن الإيلاء لا يقتصر على حالة الغضب، وإنما يكون في كلِّ الحالات؛ لأن الآية قد ورَدَت مُطلَقةً في هذا الشأن.

ولذلك وَرَدَ عن الإمام التابعي الجليل محمد بن سيرين أنه ناظَرَ رجلًا، فاحتَجَّ الرجل على ابن سيرين بهذا الأثر الوارد عن عليٍّ باقتصار الإيلاء على وقت الغضب، فكان جواب ابن سيرين رحمه الله أن أورَدَ له الآية (٤)، فَسَكَتَ الرجلُ حينئذٍ وتوقف لَمَّا تَبَيَّنَ له رجحانُ قول ابن سيرين


(١) أخرجه البخاري (١٤٣)، ومسلم (٢٤٧٧) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة (٤/ ١٣٣).
(٣) أخرجه سعيد بن منصور (٢/ ٤٩).
(٤) أخرجه سعيد بن منصور (٢/ ٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>