للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوةُ ما استدلَّ به؛ لأن هناك فرقًا بين الاستدلال بكلام الله سبحانه وتعالى والاستدلال بكلام أيّ إنسان حتى لو كان من الصحابة، فقول الله سبحانه وتعالى مُقدَّمُ على قول مَن عداه.

قوله: (وَاخْتَلَفَ فُقَهَاءُ الأَمْصَارِ فِي الإِيلَاءِ فِي مَوَاضِعَ (١)، فَمِنْهَا: هَلْ تُطَلَّقُ المَرْأَةُ بِانْقِضَاءِ الأَرْبَعَةِ الأَشْهُرِ المَضْرُوبَةِ بِالنَّصِّ لِلْمُولِي، أَمْ إِنَّمَا تُطَلَّقُ بِأَنْ يُوقَفَ بَعْدَ الأَرْبَعَةِ الأَشْهُرِ؛ فَإِمَّا فَاءَ، وَإِمَّا طَلَّقَ؟).

ومعنى "فَاءَ"، أي: رَجَعَ إلى وطءِ زوجته وجِماعِها (٢).

والمؤلف هاهنا يُقدِّمُ - كعادته - مَدخلًا لمسائله، أو رؤوس أقلامٍ كما نسميها اليوم.

وهذه المسألة تُسَمَّى مسألة الفيئة، فإن الله تعالى يقول: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٢٦) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٢٧)} [البقرة: ٢٢٦، ٢٢٧]، وهذه المسألة محلّ خلافٍ بين أهل العلم، حيثُ ذهب الحنفية إلى أن الفيئة يشترط فيها أن تكون أثناء مدّة الإيلاء، بحيثُ إذا انتهت المدَّة وَجَبَ وقوع الطلاق (٣)، أمَّا الأئمة (مالكٌ (٤)، والشافعي (٥)، وأحمد (٦)) فإنهم ذهبوا إلى أن ذلك يتوقَّف على


(١) سيأتي تخريجها في المتن.
(٢) يُنظر: "لسان العرب" لابن منظور (١/ ١٢٦)، حيث قال: "الفيء في كتاب الله تعالى على ثلاثة معان مرجعها إلى أصل واحد، وهو الرجوع. قال الله تعالى في المولين من نسائهم: {فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٢٦)}. وذلك أن المولي حلف أن لا يطأ امرأته فجعل الله مدة أربعة أشهر بعد إيلائه، فإن جامعها في الأربعة أشهر فقد فاء، أي: رجع عما حلف عليه من أن لا يجامعها، إلى جماعها".
(٣) سيأتي تخريجه في المتن.
(٤) سيأتي تخريجه في المتن.
(٥) سيأتي تخريجه في المتن.
(٦) سيأتي تخريجه في المتن.

<<  <  ج: ص:  >  >>