للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَفادُهُ أنَّها خمسٌ لا يُزَاد عليها، فلو كان الوتر واجبًا لبيَّنه الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم-.

الجَوابُ على أدلَّة الذين قالوا بالوجوب:

من أقوى أدلتهم حديث: "إنَّ اللَّه زادكم صلاةً إلى صلاتكم، فحافظوا عليها، وهي الوتر" (١).

ويُجَاب عن هذا بأن أبا حنيفة نفسه لا يرى وُجُوب ركعتي الفجر (٢)، وقَدْ ورد فيهما حديث صحيح عن أبي سعيد الخدري أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إنَّ اللَّه زادكم صلاةً إلى صلاتكم هي خيرٌ من حمر النعم، ألا وهي الركعتان قبل صلاة الفجر" (٣)، فما الفرق بينهما؟

ويُمْكننا أن نُوفِّق بين الأدلة فنقول: جَميعُ الأدلة التي استدلَّ بها أبو حنيفة محمولةٌ على أهمية الوتر وفضيلته، وتأكيد سُنيَّته، وأنه يَنْبغي للمسلم أن يحافظ عليه لا أن يُقَال بأنه واجبٌ.

[وهل الأفضل الإيتار أول الليل أو آخره؟]

الصحيح أن الأفضل هو آخره إلا أن تخشى أن تنام، فإنك تُصلِّي أوَّل الليل؛ لأنَّ الرسولَ -صلى اللَّه عليه وسلم- بيَّن ذلك، إن خشيت الصبح -يعني: أن تنام- فأوتر (٤)، وَآخِرُ الليل له مزيةٌ، إِذْ هو وقت النزول الإلهي، فاللَّه سبحانه وتعالى يَنْزل في هذا الوقت ويَقُولُ: هَلْ من تَائِب فأتوب عليه، جاء في الحديث: "ينزل ربنا -تَبارَك وتَعالَى- كلَّ ليلةٍ إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل


(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) يُنظر: "الدر المختار" للحصكفي (٢/ ١٤) حيث قال: "والسنن آكدها سنة الفجر اتفاقًا".
(٣) تقدَّم تخريجه.
(٤) أخرجه البخاري (١٩٨١) عن أبي هريرة قال: أوصاني خليلي -صلى اللَّه عليه وسلم- بثلاث: "صيام ثلاثة أيام من كل شهرٍ، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام".

<<  <  ج: ص:  >  >>