للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[وسيبدأ المؤلف بدليل مشروعيتها]

أولًا: أدلة الكتاب:

ومن ذلك قول الله سبحانه وتعالى: {وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ (٢٨)} [القمر: ٢٨]، وهذا في قصة ناقة صالح عليه السلام (١).

والدليل الآخر من الكتاب العزيز قولُهُ تعالى: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا (٨)} [النساء: ٨]، والمراد بذلك أنه عندما يموت الميت، ويُرَاد قسمة تركته، فيحضر تلك التَّركة مَنْ لا يستحق الأخذ منها ميراثًا، وقد بَيَّنهم اللهُ تَعَالى في هذه الآية: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى}، أي: أقارب الميت من غير الوَرَثة، كأنْ يكونوا من ذوي الأرحام الذين لا يستحقون، أو ممن يرثون لكنهم محجوبون (٢).

"واليتامى"، أي: الذين مات آباؤهم وهم صغار؛ لأن اليتيم من مات أبوه ولم يبلغ (٣)، وكذلك أيضًا "والمساكين ": الذين لا مال لهم (٤)، فعليكم في هذه الحالة أن تعطوهم ما تطمئن به نفوسهم، وترتاح به أفئدتهم، وأن تضيفوا أيضًا إلى ذلك معاملةً حسنةً وقولًا كريمًا {وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا}.

ثم نبَّه الله سبحانه وتعالى أن الإنسان إذا عمل طيبًا، فإنه سيجد ثمرة ذلك في الدنيا، وسيجد ثواب ذلك في الآخرة، فقال في الآية التي بعدها: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (٩)}، فمن حضر عنده محتاج وقدم له شيئًا، فليعلم


(١) قال الزجاج: معنى الآية: أن الماء قسمة بين الناقة وبين ثمود، لها يوم ولهم يوم، وهذا معناه: كل شرب محتضر، يحْضَر القوم الشرب يومًا، وتحضر الناقة يومًا. انظر: "معاني القرآن وإعرابه" (٥/ ٩٠).
(٢) انظر: "تفسير الطبري" (٦/ ٤٣٥)، "التفسير الوسيط "، للواحدي (٢/ ١٦).
(٣) انظر: "تهذيب اللغة"، للأزهري (١٤/ ٢٤١).
(٤) انظر: "جمهرة اللغة"، لابن دريد (٢/ ٨٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>