للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هي ملك له يكون نكاحه قد انفسخ وتصبح حلالًا للذي اشتراها، ودليل ذلك قول الله سبحانه وتعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ} ثم استثنى سبحانه فقال: {إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}.

القول الثاني: ذهب جمهور العلماء (١) إلى أن بيع الأمة ليس طلاقًا لها، واستدلوا بقصة بريرة، وكانت تحت رجل اسمه مغيث وكان يحبها حبًّا عظيمًا وكانت تبغضه؛ فجاءت إلى عائشة - رضي الله عنها - وطلبت منها أن تعينها في عتقها فساعدتها عائشة - رضي الله عنها - فعتقت، وكان زوجها متعلقًا بها حتى قيل بأن الدمع كان يسيل على وجنته، والرسول - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك قال لها: "ألا ترجعين إلى مغيث؟ " قالت: يا رسول الله، أتأمرني؟ قال: "لا، إنما أنا شافع" قالت: لا حاجة لي به (٢). فقصة بريرة فيها دليل على أن البيع لا يعتبر طلاقًا؛ لأنه لو كان طلاقًا لما خيَّرها الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الرجوع إلى زوجها الأول، لكن تخييره لها دليل على أنه لا يعتبر طلاقًا. هذا هو دليل الجمهور.

* فائدة من قصة بريرة:

الحب نوعان:

الأول: حب يكون الدافع له حب القلب، ولا يخرج عن الأدب ولا عن الشريعة؛ فالإنسان يحب أباه ويحب ابنه ويحب أخاه وصديقه،


= المسيب، قال: "إذا تزوج العبد بإذن سيده ثم باعه فإنه لا يحال بينه وبينها، وإذا زوج الرجل أمته ثم باعها فإنه كان يرى بيعها طلاقها".
(١) تقدَّم ذكر مذهبهم في هذه المسألة.
(٢) أخرجه البخاري (٥٢٨٣) عن ابن عباس: أن زوج بريرة كان عبدًا يقال له مغيث، كأني أنظر إليه يطوف خلفها يبكي ودموعه تسيل على لحيته، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعباس: "يا عباس، ألا تعجب من حب مغيث بريرة، ومن بغض بريرة مغيثًا" فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لو راجعته" قالت: يا رسول الله، تأمرني؟ قال: "إنما أنا أشفع" قالت: لا حاجة لي فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>