للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّهُ يُقْتَلُ وَيُصْلَبُ مَعًا، وَهَؤُلَاءِ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يُقْتَلُ أَوَّلًا، ثُمَّ يُصْلَبُ، وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ (١)، وَقِيلَ: إِنَّهُ يُصْلَبُ حَيًّا، ثُمَّ يُقْتَلُ فِي الخَشَبَةِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ القَاسِمِ وَابْنِ المَاجِشُونِ) (٢).

المُرَاد بـ " الصَّلب ": أن يصلبَ على خَشَبةٍ حتى يراه الناس، بقصد التَّشهير به، والزَّجر لغيره، وذَهَب جماعةٌ من أهل العلم (٣) إلى أن المراد بقوله تعالى: {أَوْ يُصَلَّبُوا} [المائدة: ٣٣]: أنه يصلب حتى يموت جوعًا، والجمهور على أن هذا نوعٌ من المُثْلة لا يجوز، وإنما يقتل ويصلب، فهذا قَدْرٌ متفقٌ عليه بين الأئمة الأربعة وغيرهم.

ثمَّ اختلفوا أيهما يكون أولًا: القتل أم الصلب؟

فذهب الشافعي (٤)، وأحمد (٥) وإليه ذهب أشهب (٦) من المالكية إلى أنه يقتل أولًا ثم يصلب، عملًا بظاهر الآية: {أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا} [المائدة: ٣٣]، فقدم ذكر القتل على الصلب كما قال تعالى فيِ شأن الحج والعمرة: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ} [البقرة: ١٥٨]، فإنَّ اللَّهَ تَعَالى ذَكَر الصفا والمروة، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " أبدأ بما بدأ الله به " (٧)، فقدَّم الصفا أولًا، وكذلك هنا


(١) يُنظر: " المقدمات الممهدات " لابن رشد الجد (٣/ ٢٣٣) حيث قال: " فقيل: إنه يقتل ثم يصلب ليرتدع أهل الفساد، وهو قول أشهب ".
(٢) يُنظر: " المقدمات الممهدات " لابن رشد الجد (٣/ ٢٣٣) حيث قال: " وقيل: إنه يصلب حيًّا، ويقتل في الخشبة، وهو قول ابن القاسم وابن الماجشون ".
(٣) تقدم.
(٤) يُنظر: " نهاية المطلب " للجويني (١٧/ ٣٠٤) حيث قال: " فالمذهب الصحيح أنه يقتل على الأرض، ثم يصلب قتيلًا ".
(٥) يُنظر: " الإنصاف " للمرداوي (٢/ ٥٣٦) حيث قال: " فإنه يقتل أولًا، على الصحيح من المذهب، فعليه يغسل ويصلى عليه ثم يصلب ".
(٦) تقدم.
(٧) أخرجه مسلم (١٢١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>