الفريق الأول: وهي رواية للإمام مالك التي صدّر بها المؤلف كلامه، ورواية غير مشهورة للإمام أحمد، وأخذ بها بعض الحنابلة ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية، وأخذ بها بعض علماء الشافعية، بل لو قرأتم في كتب النووي تجدون أنه يقول: وهذه أصح الأقوال بعد مذهبنا، يعني هو يقدم القول الأول في القلتين، ويجعل هذا القول الثاني هو الصحيح، لكن هذا رأي له بلا شك، وقد يأتي غيره ويخالفه.
أما الذين قالوا: بأن الماء إذا خالطته نجاسة فاستحالت فيه ولم تغيره يستدلون أولًا:
- بحديث بئر بضاعة، يقولون: هذه بئرٌ ذُكِرَ للرسول -عليه الصلاة والسلام- حتى بعضهم يقرأها، أنتوضأ، أتتوضأ، وورد في بعض ألفاظه:"يا رسول الله أنه يُسْتَقَى لك من بئر بضاعة وهي بئر يُلْقَى فيها لحوم الكلاب والحيض يعني: الخرق التي يمسح فيها دم الحيض، والنتن يعني: الشيء العفن يلقى فيها". لكن هنا يرد سؤالًا أيضًا، هل هذه الأمور تُلْقَى في هذه البئر، ويعرف أنه يستقى منها؟
أجاب العلماء عن ذلك وقالوا: هي كانت تقع في مكانٍ منحدرٍ، وكانتْ إذا جاءت السيول نقلت هذه الأمور فنزلت فيها.
وبعضهم يقول: كانت إذا جفت هذه الخرق تأتي العواصف فتنقلها فتطرحها فيها.
* فائدة:
وبئر بضاعة هذه تكلم عنها العلماء، وكلمة بضاعة هل هي اسم لصاحبها أو للبئر نفسه، منهم من قال: بضاعة هي اسم للبئر، ومنهم من قال: هي اسمٌ لصاحبها، وهذا لا يؤثر.
بئر بضاعة هذه سيحصل النزاع فيها، وهي من أقوى الأدلة التي يعارض بها مذهب الحنفية، أي: يأتي العلماء الآخرون فيبطلون بهذا