للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحديث مذهب الحنفية، ويقولون: هذا الحديث نصٌّ في أن هذه البئر تُلقى فيها لحوم الكلاب، ويلقى فيها خرق الحيض، وكذلك النتن، كل هذا يُجمع فيها، وهذه أمور لا شك أنها نجسة، فكيف تقولون بقولكم، والحديث يقول: ولما سئل الرسول عن ذلك قال: "الماء طهورٌ لا ينجسه شيء"، أول الحديث أنها يُستقى لك من بئر بضاعة، وفي رواية وهي بئر يلقى فيها الحيض … قال: "الماء طهورٌ لا ينجسه شيء".

إذًا، هذا نصٌّ في أنَّ الماء طهورٌ لا ينجِّسه شيء، والنبي -صلى الله عليه وسلم- لم يذكر في هذه البئر هل ماؤها كثيرٌ أو غير كثير، غير أنه بعد المعاينة تبين أن هذه البئر ليس مائها بكثيرٍ؛ لأنَّ أبا داود المحدث من العلماء الذين اهتموا بذلك وقال: إنه ذهب إلى قيِّمها وسأله أن ينزلَ فيها، وقد وجد أنَّ عرضها ستةُ أذرعٍ وأنّ عمقها إذا زاد ماؤها تصل إلى العانة، وإذا نقص دون العورة، فهي بهذا القدر لا تتجاوز ما يقرب من قلتين أو تزيد قليلًا أو تنقص.

إذًا، ماؤها ليس كما يقول الحنفية ماء كثير يشبه المستبحر، وهذا الحديث دليلٌ يُعارَض به مذهب الحنفية، فاضطر الحنفية إلى القول بأن البئر كانت جاريةً.

ما دليلكم على ما ذهبتم إليه؟

قالوا: لأنَّ الواقديَّ المؤرخَ المعروفَ قال: كانت تُسْقى منها البساتين والمزارع المجاورة لها، وفهموا من هذا أنَّها كانتْ جاريةً.

وقد رُدّ عليهم: بأنَّه لا مانعَ أن يُسقى منها البساتينُ والمزارعُ المجاورةُ، كعادةِ العرب إلى وقتٍ قريبٍ، فإنهم يخرجون الماء إما بالدَّلو أو عن طريق الناضحةَ، وهذا أمر معروف إذا كانت هناك مكائن تخرج الماء.

ولكن قال عدد من العلماء: بأنَّ المدينة في عصر الرسول -عليه الصلاة والسلام- لم تكن فيها عيونٌ جاريةٌ، فالعين الزرقاء بعده -صلى الله عليه وسلم-،

<<  <  ج: ص:  >  >>