للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَمَالِكٌ يَعْتَبِرُ أَيْضًا فِي هَذَا سَدَّ الذَّرِيعَةِ (١)، لِأَنَّهُ إِنَّمَا جَعَلَ جَاعِلٌ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إِلَى بَيْعِ الصِّنْفِ الوَاحِدِ مُتَفَاضِلًا، فَهَذِهِ مَشْهُورَاتُ مَسَائِلِهِمْ فِي هَذَا الجِنْسِ).

أُقدِّم لكم مثالًا بسيطًا على هذه المسألة: رجلٌ اشترى لبنًا بزبدٍ، فعلى الرواية الحنابلة تصحح هذا البيع: إذا كان الزبد الذي اشترى به اللبن أكثر من الزبد الموجود في اللبن جاز، وإلا فلا.

قال المصنف رحمه الله تعالى:

(بَابٌ فِي بُيُوعِ الذَّرَائِعِ (٢) الرِّبَوِيَّةِ)

هذا العنوان (باب في بيوع الذرائع)، أي: باب تُذْكر فيه الذرائع التي يتوصل بها إلى الربا، وقد تكلمنا عن حكم الربا، وعن الأدلة على تحريمه، وعن المسائل التي ورد التنصيص فيها، وما يلحق بها، هناك مداخل وطرق ووسائل يسلكها بعض الناس، فيقع في الربا معللًا ذلك بأنه بيع، ولذلك جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قوله: "يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَان يُسْتَحَلُّ فِيهِ الرِّبَا بِالبَيْعِ" (٣)، أي: هو ربًا، وسمَّاه بيعًا، كما سيأتي ذلك.


(١) "الفروق" للقرافي (٢/ ٣٢) قال: "ومعناه حسم مادة وسائل الفساد دفعًا لها، فمتى كان الفعل السالم عن المفسدة وسيلةً للمفسدة، منع مالك من ذلك الفعل في كثيرٍ من الصور".
(٢) "الذرائع": جمع ذريعة، وهي الوسيلة، يقال: تذرع فلان بذريعة، أي: توسل .. انظر: "الصحاح" للجوهري (٣/ ١٢١١).
(٣) أخرجه الخطابي في "غريب الحديث" (١/ ٢١٨) عن الأوزاعي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا.
قال ابن القيِّم في "إغاثة اللهفان" (١/ ٣٥٢): "وهذا وإن كان مرسلًا، فإنه صالح للاعتضاد به بالاتفاق، وله من المسندات ما يشهد له".

<<  <  ج: ص:  >  >>