للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معلومًا، وألا يكون جزافًا (١)؛ لأنه لو كان غير معلوم القدر أو كان جزافًا كان في ذلك جهالة، والجهالة يُشترط نفيها عن القراض؛ أي: المضاربة، فلا بد بأن تكون معلومة، أما بالنسبة للجعالة - التي مرت بنا - فقد رأينا أنه معفو عن الجهالة فيها؛ للحاجة إلى ذلك، لكن يُشترط فيها - أيضًا - أن تكون الأجرة معلومة.

قال المصنف رحمه الله تعالى:

(البَابُ الثانِي: في مَسَائِل الشُّرُوطِ وَجُمْلَةُ مَا لَا يَجُوزُ مِنَ الشُّرُوطِ عِنْدَ الجَمِيعِ: هِيَ مَا أَدَّى عِنْدَهُمْ إِلَى غَرَرٍ، أَوْ إِلَى مَجْهَلَةٍ زَائِدَةٍ).

ما أوقع في غررٍ أو أدَّى إلى جهالة زائدة فلا يجوز؛ كأن تكون المضاربة على دَين أو مبلغ مؤجَّل، فإن هذا فيه نوع من الجهالة.

قوله: (وَلَا خِلَافَ بَيْنِ العُلَمَاءِ (٢) أَنَّهُ إِذَا اشْتَرَطَ أَحَدُهُمَا لِنَفْسِهِ مِنَ الرِّبْحِ شَيْئًا زَائِدًا غَيْرَ مَا انْعَقَدَ عَلَيْهِ القِرَاضُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ).

لا يجوز؛ لأن هذا نوع من الجهالة، فقد اتفقا على أن الربح بينهما نصفين، أو على أن للمضارب الثلث أو الربع أو أقل أو أكثر، ثم يأتي


(١) الجزف والجزاف: المجهول القدر، مكيلًا كان أو موزونًا. انظر: "النهاية في غريب الحديث والأثر" لابن الأثير (١/ ٢٦٩).
(٢) يُنظر: "مراتب الإجماع" لابن حزم (ص ٩٢) حيث قال: "واتفقوا أن القراض إذا لم يشترط فيه أحدهما درهما لنفسه فأقل أو أكثر، ولا فلسًا فصاعدًا، ولا لغيرهما، ولا اشترط أحدهما لنفسه نفقة، ولا غير ذلك من الأشياء، لا مِن المال، ولا من غيره، ولا شَرَطَا ذلك لغيرهما، ولا شرط أحدهما للآخر ربح دراهم من المال معلومة، أو ربح دنانير منه معلومة، ولا شرط لغيرهما جزءًا من الربح، وسميا ما يقع لكل واحد منهما من الربح، ولم يذكرا ما للواحد وسكتا عما للثاني؛ فهو قراض صحيح".

<<  <  ج: ص:  >  >>