للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد ذلك ويشترط ربحًا زائدًا، فهذا سيُخِلُّ في العقد، ويؤثر عليه، ويُدخل الجهالة عليه.

قوله: (لِأَنَّهُ يَصِيرُ ذَلِكَ الَّذِي انْعَقَدَ عَلَيْهِ القِرَاضُ مَجْهُولًا، وَهَذَا هُوَ الأَصْلُ عِنْدَ مَالِكٍ فِي أَنْ لَا يَكُونَ مَعَ القِرَاضِ بَيْعٌ، وَلَاكرَاءٌ، وَلَا سَلَفٌ، وَلَا عَمَلٌ، وَلَا مِرْفَقٌ يَشْتَرِطُهُ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ مَعَ نَفْسِهِ).

هذا أيضًا يسري بالنسبة للقرض؛ فلو ذهب إنسان إلى آخر يطلب منه قرضًا، فأقرضه مبلغًا من المال، وشرط عليه أن يستخدم سيارته، أو أن يسكن داره مدة، أو أن يعمل له عملًا؛ فهذا لا يجوز؛ لأنه قرضٌ جَرَّ نفعًا.

قوله: (فَهَذِهِ جُمْلَةُ مَا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانُوا قَدِ اخْتَلَفُوا فِي التَّفْصيلِ؛ فَمِنْ ذَلِكَ: اخْتِلَافُهُمْ إِذَا شَرَطَ العَامِلُ الرِّبْحَ كُلَّهُ لَهُ).

أو العكس؛ كأن يشترط ذلك ربُّ المال، فقد يشترطه هذا، أو يشترطه هذا، فهل يكون ذلك قراضًا؟ أو يكون قرضًا؟

ننظر الآن إلى آراء العلماء في ذلك:

قوله: (فَقَالَ مَالِكٌ (١): يَجُوزُ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ (٢): لَا يَجُوزُ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ (٣): هُوَ قَرْضٌ لَا قِرَاضٌ).


(١) يُنظر: "الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي" (٣/ ٥٢٣) حيث قال: "وجاز (الربح) أي: جعله كله (لأحدهما) رب المال أو العامل (أو لغيرهما) أي: لأجنبي، وحينئذ خرج عن كونه قراضًا حقيقة".
(٢) يُنظر: "أسنى المطالب" لزكريا الأنصاري (٢/ ٣٨٣) حيث قال: " (ولو قال خذ المال وتصرف) فيه (والربح كله لك فقرض صحيح أو) كله (لي فإبضاع) أي: توكيل بلا جعل، كما لو قال: أبضعتك. (ولو قال: قارضتك والربح كله لك، أو) كله (لي) أو سكت عن الربح (أو) قال (أبضعتك ولك نصف الربح) أو لك كله".
(٣) يُنظر: "الدر المختار وحاشية ابن عابدين" (٥/ ٦٤٧) حيث قال: "ودفع المال إلى آخر مع شرط الربح كله (للمالك بضاعة) فيكون وكيلًا متبرعًا (ومع شرطه للعامل قرض) لقلة ضرره".

<<  <  ج: ص:  >  >>