للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو حنيفة وأحمد -رحمهما الله -: هو قرض وليس قراضًا؛ لأنه إذا قال له: خذ هذا المال واتَّجر به والربح لك، فإنَّ هذه العبارة تحتمل المضاربة، وتحتمل القرض، فتُصرف إلى أقربهما، والأقرب هو القرض؛ لأنه من المعلوم في القراض أن الربح يكون بينهما.

قوله: (فَمَالِكٌ رَأَى أَنَّهُ إِحْسَانٌ مِنْ رَبِّ المَالِ وَتَطَوُّعٌ، إِذْ كَانَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ الجُزْءَ القَلِيلَ مِنَ المَالِ الكَثِيرِ).

قالوا: هو إحسان وتفضل وإرفاق منه ومساعدة، فيكون قرضًا حسنًا؛ كما قال تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ} [البقرة: ٢٤٥].

قوله: (وَالشَّافِعِيُّ رَأَى أَنَّهُ غَرَرٌ؛ لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ خُسْرَانٌ فَعَلَى رَبِّ المَالِ، وَبِهَذَا يُفَارِقُ القَرْضَ، وإِنْ كَانَ رِبْحٌ فَلَيْسَ لِرَبِّ المَالِ فِيهِ شَيْءٌ).

وسكتَ عن الإمامين أبي حنيفة وأحمد (١) رحمهما الله، ويَظهرُ أنَّ رأيهما هو الراجح في هذه المسألة؛ لأنهما قالا: هو أطلق، فقال: خذ هذا فاتَّجر به، فهذا يحتمل المضاربة ويحتمل القِراض، ونحن نصرفه إلى ما يمكن أن يجوز، فيحوَّل إلى القرض فيكون جائزًا.

قوله: (وَمِنْهَا: إِذَا شَرَطَ رَبُّ المَالِ الضَّمَانَ عَلَى العَامِلِ، فَقَالَ مَالِكٌ (٢): لَا يَجُوزُ القِرَاضُ وَهُوَ فَاسِدٌ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَقَالَ أَبُو


(١) يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (٢/ ٢١٧) حيث قال: "قال (خذه مضاربة ولك) ربحه لم يصح وله أجرة مثله، (أو) قال خذه مضاربة (ولي ربحه لم يصح) ولا أجرة له؛ لأن المضاربة الصحيحة تقتضي كون الربح بينهما نصفين".
(٢) يُنظر: "حاشية الصاوي" للخلوتي (٣/ ٦٨٧) حيث قال: "أو قراض ضمن للعامل -بضم الضاد وتشديد الميم -: أي شرط فيه على العامل ضمان رأس المال إذا أتلف أو ضاع بلا تفريط ففاسد. ولا يعمل بالشرط، وفيه قراض المثل في الربح إن عمل".

<<  <  ج: ص:  >  >>