للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَنِيفَةَ (١)، وَأَصْحَابُهُ: القِرَاضُ جَائِزٌ، وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ).

الإمام أحمد (٢) وافق الإمام أبا حنيفة في هذا القول، وقد تُلاحظ توافقًا في مسائل كثيرة بين الإمامين أبي حنيفة وأحمد رحمهما الله.

والشرط باطلٌ؛ لأن هذا شرط أُضيف إليه، ونحن نطرحه كالشروط التي نطرحها في النكاح وكذلك في البيوع، فإنها تُلغى ويبقى العقد صحيحًا.

قوله: (وَعُمْدَةُ مَالِكٍ: أَنَّ اشْتِرَاطَ الضَّمَان زِيَادَةُ غَرَرٍ فِي القِرَاضِ نفسه، وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ فَشَبَّهَهُ بِالشَّرْطِ الفَاسِدِ فِي البَيْعِ عَلَى رواية أَنَّ البَيْعَ جَائِزٌ، وَالشَّرْطَ بَاطِلٌ اعْتِمَادًا عَلَى حَدِيثِ بَرِيرَةَ (٣) المُتَقَدِّمِ).

في قصة بريرة عندما عرضت عليها عائشة - رضي الله عنهما - عتقها: أن تدفع لها، على أن يكون لها الولاء، ولكن أهلها - أي: الذين ملكوها قبل ذلك - اشترطوا أن يكون لهم الولاء، فذكرت عائشة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك، فقالت: فقال: "اطلبي العتق، واشترطي لهم الولاء"، ثم قال: "كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن كان مائة شرط"، قال: دفعت لها ما تعتق به، ثم قال: "اشترطي لهم الولاء" (٤)؛ لأن هذا الشرط لا يؤثر؛ لأنه شرط فاسد؛ فليس في كتاب الله - عز وجل - ولا في سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - الصحيحة ما يؤيده، وإذا لم يكن كذلك فإنه يكون باطلًا، فقال: "اشترطي لهم الولاء" (٥)، ثم بين العلة، ثم قام خاطبًا للناس، فقال: "ما بال أقوام


(١) يُنظر: "فتح القدير" للكمال ابن الهمام (٨/ ٤٥٢) حيث قال: "اشتراط الوضيعة على المضارب، فإن الشرط هناك باطل والمضاربة صحيحة".
(٢) يُنظر: "مطالب أولي النهى" للرحيباني (٣/ ٥١٥) حيث قال: "فلو قال مع ذلك: وعليك ضمانه؛ لم يضمنه؛ لأن العقد يقتضي كونه أمانة غير مضمون ما لم يتعد أو يفرط، فلا يزول ذلك بشرطه، والإبضاع والقرض ليسا بشركة ولا مضاربة؛ لعدم تحقق معناهما فيهما".
(٣) سبق تخريجه.
(٤) أخرجه البخاري (٢١٦٨)، ومسلم (١٥٠٤).
(٥) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>