للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله؟! كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل ولو كان مائة شرط" (١)؛ لأن شريعة الله -سبحان الله وتعالى- إنما تستمد من الكتاب والسنة، فليس لأحد كائنًا من كان أن يزيد فيها؛ لأن هذه الزيادة لا تجوز، وكذلك - أيضًا - ليس لأحد أن ينقص من شريعة الله -سبحان الله وتعالى- شيئًا إلا فيما جاء في الرخص التي أباحتها هذه الشريعة؛ كما نرى في قصر الصلاة، وأيضًا الإفطار في نهار رمضان، وفي مسح المسافر ثلاثة أيام، هذه بحمد الله أحكام كثيرة مرَّت بنا في أبواب شرحناها.

قوله: (وَاخْتَلَفُوا فِي المُقَارِضِ يَشْتَرِطُ رَبُّ المَالِ عَلَيْهِ خُصُوصَ التَّصَرُّفِ، مِثْلَ: أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ تَعْيِينَ جِنْسٍ مَا مِنَ السِّلَعِ).

هذه مسألة مهمة، هل لربِّ المال - الذي دفع المال - أن يشترط على المضارب تصرفًا معينًا؟ فيقول - مثلًا -: لا تضارب في البلد الفلاني، أو في السلعة الفلانية، أو تكون مضاربتك كذا أو كذا، أو ليس له ذلك؟

قوله: (أَوْ تَعْيِينَ جِنْسٍ مَا مِنَ البَيْعِ، أَوْ تَعْيِينَ مَوْضِعٍ مَا للتِّجَارَةِ، أَوْ تَعْيِينَ صِنْفٍ مَا مِنَ النَّاسِ يَتَّجِرُ مَعَهُمْ).

أو يسافر أو لا يسافر، فهناك شروط كثيرة يذكرها الفقهاء، والمهم هل له أن يقيِّده أو لا، أو يعطيه الحرية؛ لأنه صاحب المال؟

وبعض العلماء يرى أنه ما دام صاحب المال فالحق له، وله أن يشترط ما يرى فيه المصلحة، أما لو كانت شروطه فيها تعسفٌ وتعدٍّ وفيها إضرارٌ بالمضارب فإنَّ الصورة تختلف، لكن إن قال له: ضارب في البلد الفلاني؛ لأن البلد الفلاني نشط في التجارة، ولا تُضارب في المكان الفلانيِّ؛ لأن التجارة فيه كاسدة، ولا تتعامل مع فلان؛ لأن فلانًا ربما لا يرد لك حقك، وتعامل مع فلان؛ لأنه مالي وهكذا … ، فيجوز.


(١) أخرجه البخاري (٢١٥٥)، ومسلم (١٥٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>