للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُؤُوِّلَ قَوْلُهُ عَلَى الكَرَاهَةِ. قَالَ أَبُو الحَسَنِ اللَّخْمِيُّ: وَلَوْ قِيلَ عَكْسُ هَذَا، لَكَانَ أَجْوَدَ؛ أَعْنِي: أَنَّهُ إِذَا رَفَعَ يَدَهُ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّهُ قَدْ أَتَمَّ الذَّكاةَ، فَتَبَيَّنَ لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ، فَأَعَادَهَا أَنَّهَا تُؤْكَلُ؛ لِأَنَّ الأَوَّلَ وَقَعَ عَنْ شَكٍّ، وَهَذَا عَنِ اعْتِقَادٍ ظَنَّهُ يَقِينًا، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مِنْ شَرْطِ الذَّكَاةِ قَطْعَ كُلِّ أَعْضَاءِ الذَّكَاةِ، فَإِذَا رَفَعَ يَدَهُ قَبْلَ أَنْ تُسْتَتَمَّ، كَانَتْ مَنْفُوذَةَ المَقَاتِلِ غَيْرَ مُذَكَّاةٍ، فَلَا تُؤَثِّرُ فِيهَا العَوْدَة؛ لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ ذَكَاةٍ طَرَأَتْ عَلَى المَنْفُوذَةِ المَقَاتِلِ (١)).

بعد أن يبدأ بالذبح يرفع، ثم يعود مرة أُخرى مسرعًا، فهذه فيها خلاف.

قال المصنف رحمه الله تعالى:

(البَابُ الثَّالِثُ فِيمَا تَكُونُ بِهِ الذَّكاةُ

أجْمَعَ العُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا أَنْهَرَ الدَّمَ، وَفَرَى الأوْدَاجَ مِنْ حَدِيدٍ أَوْ صَخْرٍ أَوْ عُودٍ أَوْ قَضِيبٍ أَنَّ التَّذْكيَةَ بِهِ جَائِزَةٌ) (٢).


(١) يُنظر: "الذخيرة"، للقرافي (٤/ ١٣٧)، حيث قال: "قال اللخمي: من شرط الذكاة الفور فإن رفع يده قبل كمال الذكاة ثم أعادها بعد طول لم تؤكل، أو بفور ذلك أكلت عند ابن حبيب. وقال سحنون: لا تؤكل، وقال أيضًا: تكره وتأول بعضهم قوله، بما إذا رفع يده مختبرًا فأتم على الفور فتؤكل، وإن رفع جازمًا لم تؤكل قال ولو عكس لكان أبين لأنه أعذر من الشك، قال: ورأى أن تؤكل في الحالين لأن الفور كالمتحد".
(٢) سيأتي تفصيل مذاهبهم. ويُنظر: "الإجماع"، لابن المنذر (٦١)؛ حيث قال: "وأجمعوا على أن المرء إذا ذبح ما يجوز الذبح به، وسمَّى الله، وقطع الحلقوم والودجين، وأسال الدم: أن الشاة مباح أكلها".

<<  <  ج: ص:  >  >>