الطَّاغُوتَ} [النحل: ٣٦]، {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (٢٥)} [الأنبياء: ٢٥]، وكل نبي من الأنبياء يأتي فيدعو قومه فيقول:{أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}، وفي الأخلاق كذلك، لكنها فيما يتعلق بالمعاملات تختلف؛ لأن تلك شرائع نزلت في أماكنَ محددةٍ وفي أوقاتٍ محدَّدَةٍ، أما الشريعة الإسلامية الخالدة فهي شريعة باقية، ولذلك أحكامها لا تقدر بزمنٍ مضى ولا بزمنٍ حاضر، بل هي تمتد ما دامت هذه الدنيا قائمة.
لا شك أنَّ هذا أمر مُسَلّمٌ به، وهو أنَّ المسح على الخفين من باب التخفيف، وهذا أيضًا من مزايا هذه الشريعة ومن محاسنها، ولا شكَّ أنَّ العلماءَ قد استخلصوا من مثل هذا الموضوع الدروس الكثيرة، فيما يتعلقُ بقصر الصلاة في السفر، وفي التخفيف على المريض، وفيما يتعلقُ بعدم تكليف الصغير والمجنون، وفي التخفيف عن المكره والناسي والجاهل في بعض الأحكام، وكذلك التخفيف عن من فيه قصور، هذه أمور درسها العلماء وفصَّلوا القول فيها، ووضعوا لها قاعدةً عظيمة معروفة ألا وهي قاعدة:[المشقة تجلبُ التيسير](١)، وهذه من القواعد الفقهية المعروفة.
[مراحل وضع القواعد الفقهية]
أولًا: الفقه الإسلامي لم يأتِ دفعة واحدة، وإنما كانت آيات القرآن تنزل، فمنها ما ينزل جوابًا على سؤال كقوله تعالى:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ}[البقرة: ٢٢٢]، وقد تأتي استفتاءً كقوله تعالى:{يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ}[النساء: ١٧٦]، وغالب الأحكام إنما تنزل هكذا إما لبيان أمر العقيدة، أو الأخلاق، أو