للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعاملات، أو قيام الدولة الإسلامية، أو حقوق الوالي على الرعية، أو حقوق الرعية، أو صلة العبد بربه أي: ما يجبُ على العبد نحو ربه، وأيضًا حقوق العباد على ربهم، إلى غير ذلك من الأمور الكثيرة.

ثم بدأ الفقهُ يتسع شيئًا فشيئًا، وأخذ العلماء يستنبطون من كتاب الله -عَزَّ وَجَلَّ- وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، فكثرت الفروع الفقهية كثرةً ضخمة بعد عصر الأئمة، بسبب كثرة التلاميذ الذين أخذوا عن الأئمة، وأيضًا قد وُجد أئمةٌ آخرون غيرَ الأئمة الأربعة كانوا في نفس منزلتهم كالإمام الثوري والليث والأوزاعي، لكنَّ الأئمةَ الأربعةَ يسَّر الله لهم من التلاميذ المخلصين الذين سهروا الليالي، ووصلوا كلال الليل بكلال النهار، فجمعوا ما أفتى به أولئك العلماء وما قرروه وما اجتهدوا فيه من مسائل فدونوه في كتب مسطورةٍ كما نجد ذلك في كتب الإمام محمد بن حسن الشيباني عندمًا جمع فقه الإمام أبي حنيفة، وكما نجد في: "مدونة" سحنون رواية ابن القاسم عن الإمام مالك، وكما نجد أيضًا في: "الأم" الإمام الشافعي، وأيضًا في: "مختصر المُزَنِيّ"، وكذلك في مسائل الإمام أحمد التي تنوَّعت كمسائل إسحاق بن منصور، وابنيه عبد الله وصالح، وغير ذلك من المسائل الكثيرة، فجاء التلاميذ فخدموا هذه الثَّروة الفقهية، ثم جاء تلاميذ التلاميذ فبدؤوا يدوِّنونها، ثم جاء بعد ذلك الفقه المقارن الذي ندرسه الآن، وهو أن تُعرض آراءُ العلماء وتُناقش، وأول ما بدأت مسائل الاختلاف بين الحنفية والشافعية، ثم تُوسِّع فيها فانتشرت وانتقلت إلى المذاهب الأربعة، ثم دُوِّنت، ثم جاءت الكتب التي تُعنى بأدلة المذاهب للاستدلال على المسائل ومناقشتها وبيان أسباب الخلاف إلى غير ذلك، فلما جاء العلماء بعد ذلك في القرن الثالث وجدوا هذه الثروة العظيمة، وهذا الكنز الجليل، وهذا الفقه الكثير، ففكروا كيف يستطيعون الإلمام بأطراف هذا الفقه؛ لأنَّ الفقه واسعٌ ومسائله متشعبةٌ، ولذا نجد أن كتابًا ككتاب: "المغني" في عشرة مجلدات، وآخر طبعة له وصلت إلى خمسة عشر مجلدًا، وكتاب: "المجموع" للنووي في عشرين مجلدًا، بدأه الإمام النووي، ثم أتم جزءًا منه السبكي، ثم أتمه بعد ذلك الشيخ

<<  <  ج: ص:  >  >>