وَصْفُ المضمضة: هُوَ إدخَال الماء إلى الفم وإدارته، والمبالغة: أن تقدم ذلك إلى جهة الحلق دون أن يصلَ إليه.
والاستنشاق: جَذْبُ الماء بالهواء عن طريق النَّفَس، فإن بالغت، فتوصل ذلك إلى الخياشيم، وقد ورد في الحديث:" وبَالِغْ في الاستنشاق إلَّا أن تكون صائمًا ".
يبقى هنا فيما يتعلق بالمضمضة والاستنشاق مسألتان:
المسألة الأولى: ما يتعلق بكيفية المضمضة والاستنشاق.
وعندما نعود إلى أَحَاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - في وَصْفِ وضوئِهِ، نجد أنه تمضمضَ واستنشقَ، ففي بعضها أنه غرف غرفةً واحدةً، وبَعْضها أنها أكثر من ذلك، فهل يقتصر على غرفةٍ واحدةٍ، فَيُكْتَفى بها أيضًا في المضمضة والاستنشاق؟
ثمَّ هَلْ يُؤْخذ للمَضْمضة جزءٌ، ثمَّ بعد ذلك يمجُّهُ ويطرحه، ثم بعد ذلك يستنشق، وهكذا، .. فيتمها بغرفةٍ واحدةٍ مشتركةٍ بينهما؟
مع أن العلماءَ متفقون من حيث الجملة على أن المضمضة تقدم، أو أنه يأخُذ لهما ثلاث غرفاتٍ، يُشركُ بينهما في كل غرفةٍ، أو أنه يفصل بينهما، فيتمضمض ثلاثًا، ثم يستنشق ثلاثًا، فيكون ذَلكَ ست غرفاتٍ، فِي هذا تفصيل للعُلَماء، ولا خلافَ بَيْنهم في أنَّ أيَّ طريقةٍ سَلَكها المسلم فهي صحيحةٌ.
المسألة الثانية: قضيةٌ مهمةٌ تتعلَّق بالقواعد الفقهية، ويجب دائمًا أن نربط الفقه بها.
= الحديث بلفظه المذكور مع تتمةٍ له لم يذكرها ابن رشد، هكذا: " إذا تَوضَّأ أحدُكُم، فَلْيَجْعل في أنفِهِ، ثم لينثر، ومن استجمر فليوتر، وإذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يده قبل أن يدخلها في وضوئه، فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده ". وهذه الزيادة - أعني قوله: " وإذا استيقظ أحدكم … " - قَدْ أخرجها مسلم رَحِمَهُ اللهُ في حديث مفرد (٢٧٨).