للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[النوع الرابع: الجناية على الأعراض؛ وهي القذف]

أي: الرمي بالزنا، فإن لم يثبت؛ يحد القاذف حد القذف؛ لقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (٤)} [النور: ٤].

قوله: (وَجِنَايَاتٌ بِالتَّعَدِّي عَلَى اسْتِبَاحَةِ مَا حَرَّمَهُ الشَّرْعُ مِنَ المَأْكُولِ وَالمَشْرُوبِ؛ وَهَذِهِ إِنَّمَا يُوجَدُ فِيهَا حَدٌّ فِي هَذِهِ الشَّرِيعَةِ فِي الخَمْرِ فَقَطْ (١)؛ وَهُوَ حَدٌّ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (٢) بَعْدَ صَاحِبِ الشَّرْعِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْه).

ذكر المؤلف رحمه الله هنا حد شرب الخمر، وشرب الخمر فيه تعدٍّ على العقل وإفساد له، وهو رأس الفواحش؛ وقد جلد النبي - صلى الله عليه وسلم - شارب الخمر (٣)، ثم لما كان زمن عمر - رضي الله عنه - وقد تُجرئ على شربه، جمع الصحابة فاستشارهم، فقال علي بن أبي طالب وعبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنهما -: أنه إذا شرب سكر، وإذا سكر هذى، وإذا هذى افترى فيجلد حد المفتري -وهو القذف- ثمانين جلدة" (٤)، واستقر على هذا رأي


(١) سيأتي في باب في شرب الخمر.
(٢) يُنظر: "الإقناع في مسائل الإجماع" لابن القطان (٢/ ٢٤٥)، حيث قال: "وأجمعوا أن في شرب قليل الخمر وكثيرها الحد، لا أعلم فيه خلافًا بين الصحابة والتابعين وفقهاء المسلمين "، ويأتي توثيق ذلك من كتب المذاهب الأربعة في موضعه من باب (حد الخمر) إن شاء الله.
(٣) ضربُ النبي - صلى الله عليه وسلم - شاربَ الخمر، ثبت في عدة أحاديث، فمنها: ما رواه البخاري (٦٧٧٣) مخَتصرًا، ومسلم (١٧٠٦) عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ضرب في الخمر بالجريد والنعال، وجلد أبو بكر أربعين ".
ولفظ مسلم: عن أنس بن مالك: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتي برجل قد شرب الخمر، فجلده بجريدتين نحو أربعين "، قال: وفعله أبو بكر، فلما كان عمر استشار الناس، فقال عبد الرحمن: "أخف الحدود ثمانين "، فأمر به عمر".
(٤) أدخل الشيخ رحمه الله كلام علي بن أبي طالب في كلام عبد الرحمن بن عوف؛ فأما ما ذكره هنا؛ فهو كلام علي - رضي الله عنه -، أخرجه مالك (٢/ ٤٠٩) عن ثور بن زيد =

<<  <  ج: ص:  >  >>