للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعض المسائل، فيقولون: هَبْ أنَّه قد حدث كذا، فالجواب فيها يكون كذا وكذا، فيقدرون، وهذه من المسائل التي أخذت على بعض العلماء، وأكثر من توسَّع في ذلك الحنفية والشافعية، وقد توسعوا في ذلك عندما بدأ الإمام الشافعي تأصيله أصول الفقه، فاحتاج أن يفرض بعض المسائل، وكذلك أتباع أبي حنيفة توسعوا شيئًا فشيئًا في هذا المجال.

ومن المسائل التي افترضها العلماء: لو أنَّ إنسانًا ركب سفينة فقطعت به مسافة القصر في لحظات أيقصر الصلاة أم لا؟

في زماننا أصبحنا نرى الإنسانَ قد يركب الطائرة فتقطع به مسافة القصر في لحظاتٍ، وقد يركب سفينةً سريعة أو يركب السيارة، فلو أن إنسانًا أراد السفر من مكة إلى عسفان، ومن مكة إلى جدة، المسافة بين مكة وجدة بالبرد ثلاثة (١) برد، وهذا على مذهب جماهير العلماء (٢) خلافًا للحنفية (٣)، يعني: ثمان وأربعين ميلًا، كانت تقطع الراحلة في أيام، صارت تقطع في أقل من ساعة، فهل يتغير الحكم بتقريب المسافات؟

الجواب: لا؛ لأنَّ الشريعة في أصلها شريعة عامة، فهي شريعة شاملة، وضعت لتناسب مصالح الناس جميعًا، لأن الشرائع السابقة جاءت لتعالج ما يتعلقُ بحاجة أهلها، فنجد أن الشرائع اتفقت فيما يتعلق بالعقيدة قال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا


(١) الصواب أربعة، وليس ثلاثة.
(٢) فمذهب المالكية، يُنظر: "الشرح الكبير وحاشية الدسوقي" للدردير (١/ ٣٦١) حيث قال: "وبدخوله لبلد أُخرى لا أقل من أربعة برد فلا يقصر".
ومذهب الشافعية، يُنظر: "تحفة المحتاج" للهيتمي (٢/ ٣٧٩) حيث قال: "وطويل السفر ثمانية وأربعون ميلًا ذهابًا فقط تحديدًا ولو ظنًّا".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (١/ ٥٠٤) حيث قال: "وذلك أربعة برد … والبريد أربعة فراسخ … والفرسخ ثلاثة أميال هاشمية".
(٣) يُنظر: "مختصر القدوري" (ص: ٣٨) حيث قال: "أن يقصد الإنسان موضعًا بينه وبين ذلك اليوضع مسيرة ثلاثة أيام ولياليها بسير الإبل ومشي الأقدام ولا يعتبر ذلك بالسير في الماء".

<<  <  ج: ص:  >  >>