للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: أن يكون قويًّا ذا بأس، لكن ليس ذا دهاءٍ ومكرٍ، فهذا يقطع من خلافٍ.

الثالث: ألَّا يكون فيه شيءٌ من هاتين الخصلتين، فهذا يضرب أو ينفى.

وَذَهبَ أبو حنيفة (١)، والشافعي (٢)، وأحمد (٣)، وجماعة (٤) إلى أن " أو " في الآية على الترتيب، وهُوَ الأقربُ، فمَنْ قَتَلَ قُتِلَ، ومَنْ قَتل وأخَذ المال، قُتِلَ وصُلِبَ، ومن أَخَذ المال فحسب، قُطِعَ من خلاف، ومَنْ أخاف السبيل فإنه ينفى، وسيأتي الكلام عن النفي واختلاف العلماء فيه.

وذَهَب جماعةٌ (٥) إلى أن الإمامَ مخيرٌ فيهم (أي: في أصناف المحاربين) مطلقًا؛ سواء قَتَل أم لم يقتل، أَخَذ المال أو لم يأخذه، وذلك أنَّ هذه من الأمور المتعلقة بمصالح الناس، وبالحفاظ على أرْوَاحهم وَأَمْنهم ومُجْتمعاتهم، فيَنظر الإمام فيما هو الأصلح، فربما شدد في العقوبة، وربما خفف نظرًا للمصلحة.

* قوله: (وَاخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: {أَوْ يُصَلَّبُوا} [المائدة: ٣٣]، فَقَالَ قَوْمٌ (٦): إِنَّهُ يُصْلَبُ حَتَّى يَمُوتَ جُوعًا. وَقَالَ قَوْمٌ (٧): بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ


(١) تقدم.
(٢) تقدم.
(٣) ينظر: " المغني " لابن قدامة (٩/ ١٤٥) حيث قال: " فمَنْ قتل منهم، وأَخَذ المال، قتل وإنْ عفا صاحب المال، وصلب حتى يشتهر، ودفع إلى أهله، ومَنْ قتل منهم، ولم يأخذ المال، قتل، ولم يصلب، وإن أخذ المال ولم يقتل، قطعت يده اليمنى ورجله اليسرى، في مقام واحد، ثم حسمتا وخلي ".
(٤) تقدم.
(٥) تقدم.
(٦) وَيُنْسَب إلى بعض الشافعية، يُنظر: " نهاية المطلب " للجويني (١٧/ ٣٠٥) حيث قال: " من أصحَابنا من قال: إنه يصلب حيًّا، ويمنع الطعام والشراب، حتى يموت جوعًا وعطشًا ".
(٧) وهم أشهب وابن القاسم وابن الماجشون، وسيأتي كلامهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>