للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجَابِرٍ (١)، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ (٢)، وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ: مُعَارَضَةُ مَفْهُومِ حَدِيثِ بَرِيرَةَ (٣)؛ لِعُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: ٢٤]، وَذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: {إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} يَقْتَضِي المَسْبِيَّاتِ وَغَيْرَهُنَّ، وَتَخْيِيرُ بَرِيرَةَ يُوجِبُ أَلَّا يَكُونَ بَيْعُهَا طَلَاقًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بَيْعُهَا طَلَاقًا لَمَا خَيَّرَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ العِتْقِ، وَلَكَانَ نَفْسُ شِرَاءِ عَائِشَةَ لَهَا طَلَاقًا مِنْ زَوْجِهَا، وَالحُجَّةُ لِلْجُمْهُورِ: مَا خَرَّجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثَ يَوْمَ حُنَيْنٍ سَرِيَّةً، فَأَصَابُوا حَيًّا مِنَ العَرَبِ يَوْمَ أَوْطَاسٍ، فَهَزَمُوهُمْ وَقَتَلُوهُمْ وَأَصَابُوا نِسَاءً لَهُنَّ أَزْوَاجٌ، وَكانَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَأَثَّمُوا مِنْ غِشْيَانِهِنَّ مِنْ أَجْل أَزْوَاجِهِنَّ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: ٢٤] " (٤)).

إذا بيعت الأمة هل بيعها يعتبر طلاقًا لها فيكون مبيحًا للذي اشتراها أن يطأها لأنها مما ملكت يمينه؟ اختلف العلماء في هذه المسألة:

القول الأول: ذهب ابن عباس وجماعة من الصحابة (٥) وبعض التابعين كسعيد بن المسيب (٦): إلى أن بيع الأمة طلاق لها؛ فإذا باعها مَن


(١) لم أقف عليه.
(٢) أخرجه سعيد بن منصور في "السنن" (٢/ ٦٢) وغيره عن الحسن، عن أبي بن كعب، أنه قال: "بيع الأمة طلاقها".
(٣) أخرجه البخاري (٢٥٣٦)، ومسلم (١٥٠٤/ ١٠) عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: اشتريت بريرة، فاشترط أهلها ولاءها، فذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "أعتقيها؛ فإن الولاء لمن أعطى الورق"، فأعتقتها، فدعاها النبي - صلى الله عليه وسلم -، فخيرها من زوجها، فقالت: لو أعطاني كذا وكذا ما ثبت عنده، فاختارت نفسها.
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٣/ ٥٣٦) وغيره، والحديث في مسلم (١٤٥٦/ ٣٣).
(٥) تقدَّم ذكر مذهبهم في هذه المسألة.
(٦) أخرجه سعيد بن منصور في "السنن" (٢/ ٦٢) عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن =

<<  <  ج: ص:  >  >>