للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما ما أورده المؤلِّف في كلامه عن الشافعي، فإنه يريد به إلزامَ الشافعية بمقتضى مذهبهم، فالإمام الشافعي قد ذَهَبَ إلى أن العَوْدَ هو الإمساكُ نفسه إذا مضى زمن يمكن أن يُطَلِّقَ فيه ولم يُطَلِّقْ فإن الكفارة تلزم حينئذٍ؛ لأن كون الإمساك قائمًا يفيد تَحَقُّقَ المراد من العود.

- قوله: (وَحُكِيَ عَنْ عُثْمَانَ البَتِّيِّ (١) أَنَّ عَلَيْهِ الكَفَّارَةَ بَعْدَ الطَّلَاقِ).

وهذا القول إنما هو قولٌ ضعيفٌ.

- قوله: (وَأَنَّهَا إِذَا مَاتَتْ قَبْلَ إِرَادَةِ العَوْدَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ سَبِيلٌ إِلَى مِيرَاثِهَا إِلَّا بَعْدَ الكَفَّارَةِ، وَهَذَا شُذُوذٌ مُخَالِفٌ لِلنَّصِّ، وَاللهُ أَعْلَمُ).

وهذا القولُ إنما هو أشدُّ ضعفًا من القول السابق، فإن جماهير أهل العلم (٢) يذهبون إلى أن كلًّا منهما يرث الآخر في هذه الحالة، فيما عدا قتادة (٣) الذي ذهب إلى أن الزوج لا يرث زوجته المُظاهِرَ منها إذا ماتت إلا بعد أداء الكفارة، وأنه إن لم يُكَفِّر لم يرث.


(١) يُنظر: "مختصر اختلاف العلماء" للطحاوي (٢/ ٤٨٦)، حيث قال: "وقال عثمان البتي فيمن ظاهر من امرأته ثم طلَّقها قبل أن يطأها، قال: أرى عليه الكفارة راجعها أو لم يراجعها، وإن ماتت لم يصل إلى ميراثها حتى يكفر".
(٢) مذهب الحنفية تقدَّم.
مذهب المالكية، يُنظر: "الشرح الكبير للدردير ومعه حاشية الدسوقي" (٢/ ٤٤٧)، حيث قال: " (قوله: وسقطت بموتها)، أي: أو موته، أي: بعد العزم، وأما بعد الوطء فلا تسقط بل تخرج من ثلثه إذا مات".
ومذهب الشافعية تقدَّم.
ومذهب الحنابلة تقدَّم.
(٣) يُنظر: "الأوسط" لابن المنذر (٩/ ٤٠٢)، حيث قال: "اختلف أهل العلم في الرجل يظاهر من زوجته ثم يموت أو تموت ولم يكفر.
فقالت طائفة: يتوارثان ولا [يكفر] كذلك قال عطاء، والحسن، والنخعي، وبه قال الأوزاعي إذا لم يكن وطئها بعد الظهار، وحكى أبو عبيد هذا القول عن مالك، وسفيان الثوري. =

<<  <  ج: ص:  >  >>