للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا شكَّ أن المقصود من ذلك هو عدم وقوع الضرر، لذلك يجب ألَّا يُوقع ضررًا بذميٍّ، كما قد جاء في الأحاديث التي حذَّرت من إيذائه.

* قولُهُ: (وَمِنْ هُنَا مَنَعَ قَوْمٌ بَيْعَ المُزَايَدَةِ، وَإِنْ كَانَ الجُمْهُورُ عَلَى جَوَازهِ).

بيعُ المزايدة أو البيع بالمزاد العلني: هو أن ينادي على السلعة، ويزيد الناس فيها بعضهم على بعض حتى تقف على آخر زائد فيها فيأخذها (١)، فهذا جائز، أما ما جاء من النهي عنه فضعيف (٢).

وقد وردت قصةٌ: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: "أَنَّ رَجُلًا مِنْ الأَنْصَارِ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَسْأَلُه، فَقَالَ: "لَكَ فِي بَيْتِكَ شَيْءٌ؟ " قَالَ: بَلَى، حِلْسٌ نَلْبَسُ بَعْضَهُ وَنَبْسُطُ بَعْضَه، وَقَدَحٌ نَشْرَبُ فِيهِ المَاءَ، قَالَ: "ائْتِنِي بِهِمَا قَالَ: فَأَتَاهُ بِهِمَا، فَأَخَذَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ: "مَنْ يَشْتَرِي هَذَيْنِ؟ فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمٍ، قَالَ: "مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ؟ " مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، قَالَ رَجُلٌ: أَنَا آخُذُهُمَا بدِرْهَمَيْنِ، فَأَعْطَاهُمَا إياه، وأخذ الدرهمين فَأَعْطَاهُمَا للأَنْصَارِي … " (٣).

وهذا نصٌّ في جوازِ بيع المزايدة.

ويشهد لبيع المزايدة أيضًا حديثُ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضي الله عنهما -: أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ غُلَامًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ، فَاحْتَاجَ، فَأَخَذَهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: "مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّي؟ " فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بِكَذَا وَكَذَا فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ (٤).


(١) يُنظر:"القوانين الفقهية" لابن جزي (ص ١٧٥)، قال: أما المزايدة فَهِيَ أَن يُنَادي على السِّلْعَة، وَيزِيد النَّاس فيها بعضهم على بعض حَتَّى تفف على آخر زَائِدٍ فِيهَا فيأخذها.
(٢) أخرجه البزار في "كشف الأستار" (٢/ ٩٠) عن سفيان بن وهب، قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - ينهى عن المزايدة. وضعَّفه الأَلْبَانيُّ في "السلسلة الضعيفة" (٣٩٨١).
(٣) أخرجه أبو داود (١٦٤١) وغيره، وضعفه الأُلْبَانيُّ في "ضعيف أبي داود" (٢/ ١٢٦).
(٤) أخرجه البخاري (٢١٤١)، ومسلم (٢٢٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>