للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحديث بيَّن أن علة النهي في الأصل هي خشية الوقوع في المسكر، أو أن هذه الأواني تكون سببًا في إسراع الوصول إلى درجة الإسكار.

قوله: (وَحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ الَّذِي رَوَاهُ مَالِكٌ فِي "الْمُوَطَّإِ"، وَهُوَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ: "كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ الانْتِبَاذِ فَانْتَبِذُوا، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ" (١)، فَمَنْ رَأَى أَنَّ النَّهْيَ الْمُتَقَدِّمَ الَّذِي نُسِخَ إِنَّمَا كَانَ نَهْيًا عَنْ الانْتِبَاذِ فِي هَذِهِ الْأَوَانِي - إِذْ لَمْ يُعْلَمُ هَا هُنَا نَهْيٌ مُتَقَدِّمٌ غَيْرُ ذَلِكَ - قَالَ: يَجُوزُ الانْتِبَاذُ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَمَنْ قَالَ: إِنَّ النَّهْيَ الْمُتَقَدِّمَ الَّذِي نُسِخَ إِنَّمَا كَانَ نَهْيًا عَنْ الانْتِبَاذِ مُطْلَقًا، قَالَ: بَقِيَ النَّهْيُ عَنْ الانْتِبَاذِ فِي هَذِهِ الْأَوَانِي).

فهناك أدلة دلت على النهي عن الانتباذ في هذه الأواني؛ لأنه جاء عن الوسول - صلى الله عليه وسلم - في آخر الأمرين ما يدل على جواز ذلك.

قوله: (فَمَنِ اعْتَمَدَ فِي ذَلِكَ حَدِيثَ ابْنِ عُمَر؛ قَالَ بِالْآيَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ فِيهِ، وَمَنِ اعْتَمَدَ فِي ذَلِكَ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ بِالْأَرْبَعَةِ؛ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ مَزِيدًا، وَالْمُعَارَضَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ إِنَّمَا هِيَ مِنْ بَابِ دَلِيلِ الْخِطَابِ).

دليل الخطاب الذي هو مفهوم المخالفة.

قوله: (وَفِي كتَابِ مُسْلِمٍ النَّهْيُ عَنِ الانْتِبَاذِ فِي الْحَنْتَمِ، وَفِيهِ أَنَّهُ رَخَّصَ لَهُمْ فِيهِ إِذَا كَانَ غَيْرَ مُزَفَّتٍ (٢)).

وقد جاء عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ما يدل على جواز الجميع، وأن النهي كان في بداية الأمر فنُسخ.


(١) أخرجه مالك في "الموطأ" (٢/ ٤٦٥).
(٢) انظر: "صحيح مسلم" (٣/ ١٥٧٧)، "بَابُ النَّهْي عَنِ الانْتِبَاذِ فِي الْمُزَفَّتِ وَالدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ وَالنَّقِيرِ، وَبَيَانِ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ، وَأَنَّهُ الْيَوْمَ حَلَالٌ مَا لَمْ يَصِرْ مُسْكِرًا".

<<  <  ج: ص:  >  >>