للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا جاء في أحاديث صحيحة، وهو قول الإمام أحمد أيضًا، والمشهور عند جماهير العلماء أنه ينتبذ في كل وعاء، وأن النهي كان في أول الأمر ثم نُسخ.

قوله: (وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ (١): لَا بَأْسَ بِالانْتِبَاذِ فِي جَمِيعِ الظُّرُوفِ وَالْأَوَانِي (٢)).

وهذا هو رأي الجمهور؛ يعني جمهور العلماء يرون جواز الانتباذ في كل إناء.

قوله: (وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ اخْتِلَافُ الآثَارِ فِي هَذَا الْبَابِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ وَرَدَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَبَّاسٍ النَّهْيُ عَن الانْتِبَاذِ فِي الْأَرْبَعِ الَّتِي كَرِهَهَا الثَّوْرِيُّ، وَهُوَ حَدِيثٌ ثَابِتٌ (٣)، وَرَوَى مَالِكٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ فِي "الْمُوَطَّإ"، أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - "نَهَى عَنِ الانْتِبَاذِ فِي الدُّبَّاءِ وَالْمُزَفَّتِ" (٤)، وَجَاءَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مِنْ طَرِيقِ شَرِيكٍ عَنْ سِمَاكٍ، أَنَّهُ قَالَ: "كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ أَنْ تَنْبِذُوا فِي الدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ وَالنَّقِيرِ وَالْمُزَفَّتِ، فَانْتَبِذُوا، وَلَا أُحِلُّ مُسْكِرًا") (٥).


(١) يُنظر: "شرح مختصر الطحاوي" للجصاص (٦/ ٣٩٥)؛ حيث قال: " (ولا بأس بشرب ما انتبذ في الدباء والنقير والمزفت)؛ وذلك للأخبار المتواترة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في إباحته بعد حظره".
(٢) وهو مذهب الشافعي والجمهور؛ ينظر: "المجموع شرح المهذب" (٢/ ٥٦٦)؛ حيث قال: "مذهبنا ومذهب الجمهور أنه يجوز الانتباذ في جميع الأوعية من الخزف والخشب والجلود والدباء وهي القرع والمزفت والنحاس وغيرها ويجوز شربه منها ما لم يصر مسكرا".
(٣) أخرجه البخاري (٥٣) في حديث طويل، وفيه: " … وَنَهَاهُمْ عَنْ أَرْبَعٍ: عَنِ الحَنْتَمِ وَالدُّئاءِ وَالنَّقِيرِ وَالمُزَفَّتِ … ".
(٤) أخرج مالك في "موطأ" (٢/ ٨٤٣): عن عبد الله بن عمر، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطب الناس في بعض مغازيه. قال عبد اللّه بن عمر: فأقبلت نحوه. فانصرف قبل أن أبلغه. فسألت ماذا قال؟ فقيل لي: "نهى أن ينبذ في الدباء والمزفت".
(٥) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>