للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القسم الأول: مصادر قطعية الثبوت والدلالة.

القسم الثاني: مصادر ظنية الثبوت. والدلالة.

أمَّا القسم الأول: المصادر التي هي قطعية الثبوت والدلالة؛ فهذه مُسلَّمة عند العلماء. ولكنَّ القسم الثاني: الأدلة غير قطعية الدلالة، أو غير قطعية الثبوت؛ فهذه نقف عندها ونمحِّص؛ فهي مسائل اجتهادية، ولقد مرَّ في "كتاب النكاح" في قصة المرأة التي: "توفي زوجها قبل أن يدخل بها، ولم يفرض لها صداقًا". احتاروا فيها: فرجعوا إلى أحد الفقهاء الكبار من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، عبد الله بن مسعود الذي كان يقول: "والله لا أعلم آية نزلت في كتاب الله إلَّا وأنا أعلم أين نزلت، وفيما نزلت، ولو كنت أعلمُ أحدًا أعلمَ مني بكتاب الله تصل إليه أكباد الإبل لضربتها إليه" (١)، سألوه عن المسألة، ولم يجبهم، وطلب منهم أن يبحثوا الدليل، وأن يسألوا، فلما احتاروا في الأمر، رجعوا إليه فقضى فيها: "بأنَّ لها صداق مثلها"، فقام معقل بن سنان، فقال: "لقد قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بروعَ بنت واشقٍ بقضائك"، فسُرَّ عبد الله بن مسعود أن وافق ما قضى وأفتى به، بما قضى وأفتى به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٢).

والفقهاء - رحمهم الله تعالى - قسَّموا مراتبَ المجتهدين إلى أربع:

المرتبة الأولى: المجتهد المطلق؛ وهو الذي يأخذ الحكم من دليله، فهو رجل وهبه الله سبحانه وتعالى بسطة في العلم، وفهمًا ثاقبًا في كتاب الله عز وجل، وإدراكًا لمعاني سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتجمعت عنده أدوات الاجتهاد،


(١) أخرجه البخاري (٥٠٠٢)، ومسلم (٢٤٦٣) عن ابن مسعود، قال: "والله الذي لا إله غيره، ما أنزلت سورة من كتاب الله إلَّا أنا أعلم أين أنزلت، ولا أنزلت آية من كتاب الله إلا أنا أعلم فيم أنزلت، ولو أعلم أحدًا أعلم مني بكتاب الله، تبلغه الإبل؛ لركبت إليه".
(٢) أخرجه أبو داود (٢١١٤)، وغيره، عن عبد الله، في رجل تزوج امرأة فمات عنها، ولم يدخل بها، ولم يفرض لها الصداق، فقال: لها الصداق كاملًا، وعليها العدة، ولها الميراث، فقال معقل بن سنان: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" قضى به في بروع بنت واشق". وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (١٩٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>