للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك قد حصل بمشهد من الصحابة وانتشر بينهم فلم يُعرَف بينهم معارض فكان إجماعًا ثم بعد أن حكم عمر - رضي الله عنه - بذلك قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " ليس للقاتل شيء"، وهو حديث صحيح (١)، وفي حديث عمرو بن شعيب: " لا يرث القاتل " (٢)، وفي حديث عبد الله بن عباس - رضي الله عنه - ذكر ألَّا يرث القاتل المقتول وإن لم يوجد وارث غيره، وقد رفع ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٣).

فمن حيث الجملة الذين قالوا: لا يرث مطلقًا، هم الأئمة الثلاثة، ومالك وافقهم في العمد، وخالفهم في الخطإ لكنه قيده بأنه لا يرث من ديته، يعني: يرثه لكن لا يرث من الدية.

قوله: (وَفَرَّقَ قَوْمٌ بَيْنَ الْخَطَإِ وَالْعَمْدِ، فَقَالُوا: لَا يَرِثُ فِي الْعَمْدِ شَيْئًا، وَيَرِثُ فِي الْخَطَإِ إِلَّا مِنَ الدِّيَةِ).

الذي فرق هو مالك وأصحابه.

قوله: (وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ، وَفَرَّقَ قَوْمٌ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِي الْعَمْدِ قَتْلٌ بِأَمْرٍ وَاجِبٍ أَوْ بِغَيْرِ وَاجِبٍ).

ولهذا يختلف الذي يقتل بالحق. فلا يدخل في ذلك، فالقاتل الذي ينفذ حقًّا من الحقوق وإن كان فيه خلاف يختلف أمره والنبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لحدٌّ يقام في الأرض خير من أن يُمطَر الناس أربعين يومًا" (٤)، فهذه الحدود التي تطبق فيها تطهير لصاحبها، وفي نفس الوقت فيها حفظ للمجتمع من أن تنتشر فيه الفاحشة، وأن ينتشر فيه الإثم، وأن يتعدَّى بعض


(١) أخرجه أبو داود (٤٥٦٤) وغيره، وحسنه الألباني في "صحيح الجامع" (٥٤٢١).
(٢) انظر ما قبله.
(٣) أخرجه عبد الرزاق (٩/ ٤٠٤). عن ابن عباس قال: "من قتل قتيلًا فإنه لا يرثه، وإن لم يكن له وارث غيره، وإن كان والده أو ولده، قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه ليس لقاتل ميراث، وقضى أن لا يقتل مسلم بكافر".
(٤) أخرجه أحمد (٨٧٣٨) وضعفه الألباني في " السلسلة الضعيفة " (٩٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>