للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يمكن أن نعطي حكمًا واحدًا على كل هذه المسائل؛ لأنها محل خلافٍ بين العلماء، لكن المسألة المجمَع عليها: بُطْلان صلاة مَنْ تكلَّم عامدًا عالمًا بالتحريم (١)؛ لحديث مُعَاوية بن الحكم السُّلمي -رضي الله عنه- قال: "بينا أنا أصلي مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، إذ عطس رجل من القوم، فقلت: يرحمك الله، فَرَماني القوم بأَبْصَارهم، فقلت: أمياه -وَفِي بعض الروايات: أبياه (٢) - مَا شأنكم؟ فأخذوا يَضْربون بأيديهم على أفخاذهم، يريدون أن أسكت فَسَكت، فلما انصرَف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من صلاته، بأبي وأمي ما رأيت معلمًا قبله ولا بعده أحسن تعليمًا منه، فما كهرني (٣) ولا ضربني ولا شتمني، ثم قال: "إنَّ هَذِهِ الصَّلاة لا يَصْلح فيها شيءٌ من كلام الناس، إنما هي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن" (٤)، فكان معاوية لا يعلم أن الكلام في الصلاة قد حُرِّم؛ لأنه كان جائزًا عندما فُرِضَتْ، ولذلك لم يأمره بإعادة الصلاة.

وقَدْ أشار المؤلف إلى حديث زيد بن أرقم -رضي الله عنه- الذي قال فيه: كنَّا نتكلم في الصلاة حتى نزل قول الله تعالى: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (٢٣٨)}.

وفي رِوَايةٍ في "الصَّحيحين": "أُمِرْنا بالسُّكوت" (٥)، وزاد مسلم: "ونُهِينَا عن الكلام" (٦).


(١) تقدَّم.
(٢) لم أقف على هذه الرواية.
(٣) قال أبو عبيد: قال أبو عمرو في قوله: "ولا كهرني": الكهر: الانتهار، يقال منه: كهرت الرجل فانا أكهره كهرًا. انظر: "غريب الحديث" (١/ ١١٤، ١١٥).
(٤) أخرجه مسلم (٥٣٧/ ٣٣).
(٥) أخرجه البخاري (٤٥٣٤)، عن زيد بن أرقم، قال: "كنا نتكلم في الصلاة يكلم أحدنا أخاه في حاجته" حتى نزلت هذه الآية: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (٢٣٨)}، فأمرنا بالسكوت.
(٦) أخرجه مسلم (٥٣٩/ ٣٥)، عن زيد بن أرقم، قال: "كنا نتكلم في الصلاة يكلم الرجل صاحبه وهو إلى جنبه في الصلاة حتى نزلت: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}، فأمرنا بالسكوت، ونهينا عن الكلام".

<<  <  ج: ص:  >  >>