للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجنة قبل الأغنياء بسبعين عامًا (١)، فهذه ميزة عظيمة، ولكن من هو الفقير المقصود هنا؟ هو الذي يصبر على قضاء اللّه وقدره، هو الذي إذا أصابته ضراء صبر، فكان خيرًا له، وإذا أصابته ضراء شكر، فكان خيرًا له، فهذا هو شأن المؤمن.

* قوله: (وَمِنْ هُنَا لَمْ يَرَ مَالِكٌ إِحْلَافَ المَرْأَةِ زَوْجَهَا).

لماذا؟ لأن هناك مودة ورحمة، فينبغي دائمًا أن يكون هذا البيت قائمًا على السعادة، وقد يحصل الخلاف ويتكرر، ولكن يطلب من الزوجين أن يصبر أحدهما على الآخر، والزوج لا بد أن يتحمل، لأن اللّه تعالى جعل الطلاق في يده؛ لأنه أكثر تعقلًا، وأعظم حكمة، وأشد صبرًا.

فالمرأة - عند المالكية - لا ينبغي أن تحلف زوجها؛ خشية أن يترك أثرًا في نفسه إن طلبت منه اليمين (٢)، ولا شك أن من حق كل من الزوجين على الآخر أن يتغاضى عنه، ولذلك - كما سبق - إذا سرق أحد الزوجين من مال الآخر، أيقطع؟

يرى بعض العلماء أنه لا يقطع (٣) لما بينهما من التداخل والتسامح والبذل في الأمور، وما بين الزوجين ليس كما بين غيرهما.


(١) أخرجه ابن حبان (٢/ ٤٥٣) ولفظه: "بسبعين" أو "أربعين خريفًا". وأصله عند مسلم (٢٩٧٩) وفيه: "بأربعين خريفًا".
(٢) يُنظر: "الشرح الكبير" للدردير، و"حاشية الدسوقي" (٤/ ١٥١)؛ حيث قال: "أو ادعت المرأة، أو غيرها على زوجها أنه طلقها، ولم تقم بينة، فلا يمين على الزوج".
(٣) مذهب الحنفية، يُنظر: "النتف في الفتاوى" للسغدي (٢/ ٦٤٨)؛ حيث قال: "والثالث إذا سرق الزوج من امرأته والمرأة من زوجها، فإنه لا قطع في ذلك في قول أبي حنيفة وأبي عبد الله".
ومذهب المالكية، يُنظر: "المدونة" لسحنون (٤/ ٥٣٥)؛ حيث قال: "قلت: أرأيت المرأة إذا سرقت من مال زوجها، هل تقطع؟ قال: نعم، إذا سرقت من مال زوجها في غير بيتها الذي تسكن فيه، وكذلك خادمها إذا سرقت من مال الزوج من بيت الزوج". =

<<  <  ج: ص:  >  >>