للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقوله عمر -رضي اللَّه عنه- (١)، وقد أخذ به الإمام مالك كما سيأتي، وكان يقوله عمر على المنبر أو يعلمه الناس، وأنه لم ينكر ذلك أحد عليه، وهذا سيأتي الكلام فيه إن شاء اللَّه في موضعه (٢).

فالخلاصة في ذلك: أن العلماء قد اختلفوا في هذه المسأله وأن كلًّا منهم قد استدل بأدلة؛ فالذين قالوا بعدم الوجوب عمدتهم حديث المسيء صلاته، والرد عليهم لا حجة فيه، فكونهم يقولون: إنه ذكر الأركان هذا غير مسلم لأن حديث المسيء لم يذكر النية والنية مجمع عليها بين الجمهور؛ فكل أصحاب المذاهب الأربعة متفقون على أن النية شرط في الصلاة، ومع ذلك لم تذكر؛ إذن حديث المسيء ليس بحجة على قولهم.

ولو نناقش المذاهب واحدًا واحدًا يمكننا القول بأن النية لم تذكر في حديث المسيء صلاته، ومالك وأبو حنيفة يريان اشتراط النية (٣)، فهذا الحديث إذن حجة عليهم، فقد استدلوا به وقالوا بأن التشهد لم يذكر فيه فهو إذن ليس بواجب (٤).


(١) أخرجه مالك في "الموطأ" (١/ ٩٠) عن عبد الرحمن بن عبدٍ القاري: أنه سمع عمر بن الخطاب وهو على المنبر يعلم الناس التشهد، يقول: قولوا: التحيات للَّه، الزاكيات للَّه، الطيبات الصلوات للَّه، السلام عليك أيها النبي ورحمة اللَّه وبركاته، السلام علينا وعلى عباد اللَّه الصالحين، أشهد أن لا إله إلا اللَّه وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله". وصححه الألباني في "صفة صلاة النبي" (٣/ ٩٠١).
(٢) انظر: "المعونة"، للقاضي عبد الوهاب (ص ٢٢٤)، وفيه قال: "والاختيار عندنا من ألفاظه تشهد عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- وهو: "التحيات للَّه الزاكيات للَّه الطيبات الصلوات للَّه، السلام عليك أيها النبي ورحمة اللَّه وبركاته، السلام علينا وعلى عباد اللَّه الصالحين، أشهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبد اللَّه ورسوله"، وإنما اخترنا ذلك لأن عمر علمه الناس على المنبر فلم ينكر عليه أحد وهو إمام، ولأن ألفاظه متفق على نقله وثبوتها".
(٣) سبقت هذه المسألة.
(٤) انظر: "المجموع شرح المهذب"، للنووي (٣/ ٤٦٣)، وفيه قال: "أما الجواب عن حديث المسيء صلاته فقال أصحابنا: إنما لم يذكره له لأنه كان معلومًا عنده، ولهذا لم يذكر له النية وقد أجمعنا على وجوبها ولم يذكر القعود للتشهد".

<<  <  ج: ص:  >  >>