للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونرد على المالكية في قولهم: إن الجلوس للتشهد واجب، فنقول لهم: إن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يذكر للمسيء صلاته الجلوس للتشهد؛ إذن فلماذا أوجبتموه؟!

والحاصل: أنكم خرجتم عن حديث المسيء صلاته إلى أدلة أُخرى، فما دمتم أوجبتم الجلوس فعليكم أن توجبوا التشهد كذلك.

* قوله: (وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ: مُعَارَضَةُ القِيَاسِ لِظَاهِرِ الآثَارِ، وَذَلِكَ أَنَّ القِيَاسَ يَقْتَضِي إِلْحَاقَهُ بِسَائِرِ الأَرْكَانِ الَّتِي لَيْسَتْ بِوَاجِبَةٍ فِي الصَّلَاةِ، لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى وُجُوبِ القُرْآنِ، وَأَنَّ التَّشَهُّدَ لَيْسَ بِقُرْآنِ فَيَجِبُ، وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يعَلِّمُنَا التَّشَهُّدَ كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ القُرْآنِ" (١)، يَقْتَضِي وُجُوبَهُ).

لم يكن الخلاف هنا خلاف قياس وآثار، وإنما هو في وجود أدلة تمسك بها بعض العلماء، وأدلة خاصة اعتبرها الآخرون نصًّا في المسألة فأوجبوا ذلك (٢).

لكن حقيقةً هذا قياس ضعيف؛ لأن القياس على القرآن إنما هو قياس مع الفارق، فيؤدي ذلك إلى ضعفه وهو غير مسلَّم به، ولا حاجة للقياس هنا، فالمسألة لم تكن خلافًا في القياسات، وإنما الخلاف أن هؤلاء استدلوا بأدلة والآخرون استدلوا بأدلة أُخرى.

فالمؤلف يريد أن يستنبط من حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنه- أن هذا يقتضي تأكده، وأن الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يؤكد ذلك الأمر عليهم ويكرره حتى استقر في نفوسهم، وهذا دليل على وجوبه.


(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) سبق ذكر هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>