للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كذلك من أشدِّ ما ورد في ذلك قولُهُ - صلى الله عليه وسلم -: "ثَلَاثَة لَا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: رَجُل حَلَفَ عَلَى سِلْعَةٍ لَقَدْ أُعْطِيَ فِيهَا أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَى وَرَجُل مَنَعَ فَضْلَ مَاءٍ فَيَقُولُ اللهُ تبَارَكَ وَتَعَالَى: الْيَوْمَ أَمْنَعُكَ فَضْلِي كَمَا مَنَعْتَ فَضْلَ مَا لَمْ تَعْمَلْ يَدَاكَ. وَرَجُلٌ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ" (١)، ومحل الشاهد قولُهُ - صلى الله عليه وسلم -: "وَرَجُل مَنَعَ فَضْلَ مَاءٍ فَيَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالى: الْيَوْمَ أَمْنَعُكَ فَضْلِي كَمَا مَنَعْتَ فَضْلَ مَا لَمْ تَعْمَلْ يَدَاكَ"، وهذا تهديدٌ شديدٌ، ووعيد أكيد بأنَّ الله سبحانه وتعالى سيحاسب من يمنع فضل الماء من المحتاج إليه، فسيمنع اللهُ عنه فضله يوم القيامة، في يوم هو أشد ما يكون إلى فضل الله سبحانه وتعالى وإلى عفوه وإلى مغفرته سبحانه وتعالى أحوج.

* قولُهُ: (وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ المُنْذِرِ: ثَبَتَ "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - - صلى الله عليه وسلم - "نَهَى عَنْ بَيْعِ المَاءِ (٢)، وَنَهَى عَنْ بَيْعِ فَضْلِ المَاءِ لِيُمْنَعَ بِهِ الكَلأُ" (٣)، وَقَالَ: لَا يُمْنَعُ وَهُوَ بِئرٌ وَلَا بَيْعُ مَاءٍ" (٤)).

ومعنى: "نَهَى عَنْ بَيْعِ فَضْلِ المَاءِ لِيُمْنَعَ بِهِ الكَلأُ"؛ لأنه إذا منع الماء الكلأ يحتاج إلى ماء ليستقِيَ منه وليرتوي به، فإذا وجد الماء ثُمَّ بعد ذلك أطلق على الأرض حين إذن ينبت العشب والكلأ، ولذلك جاء في بعض الراويات النهيُ عن ذلك حتى لا "يَجُوع الْعِيَالُ" (٥).

* قولُهُ: (وَاخْتَلَفَ العُلَمَاءُ فِي تَأْوِيلِ هَذَا النَّهْيِ، فَحَمَلَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ العُلَمَاءِ عَلَى عُمُومِهِ، فَقَالُوا: لَا يَحِلُّ بَيْعُ المَاءِ بِحَالٍ كانَ مِنْ بِئْرٍ،


(١) أخرجه البخاري (٢٣٦٩).
(٢) أخرجه مسلم (٤٠١٠).
(٣) أخرجه البخاري (٢٣٥٣) ومسلم (٤٠١١).
(٤) يُنظر: "الأوسط" لابن المنذر (١٠/ ١٢٧ - ١٣٨).
(٥) أخرجه أحمد في "مسنده" (٩٤٥٨)، قال شعيب الأرناؤوط: حديث صحيح دون قولُهُ: "فيهزل المال … ".

<<  <  ج: ص:  >  >>