للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجلد، قال تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} فأين الرجم الذي تقولون به؟ وتقولون أيضًا: إن الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة، والصلاة آكد وأعظم من الصيام، فلماذا تقولون بذلك؟

فقال عمر بن عبد العزيز -رضي الله عنه-: من أين عرفتم عدد الصلوات وأركانها وشرائطها وواجباتها ومواقيتها، وكيف عرفتم أنصبة الزكاة ومقادريها؟ فتفرقوا ثم ذهبوا ليبحثوا عن الحكم فعادوا إليه فسألهم فقالوا: لم نجدها في كتاب الله عزَّ وجلَّ، قال: فأين وجدتم ذلك؟ قالوا: وجدناها في سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وفعله المسلمون من بعده، فقال عمر بن عبد العزيز رحمهُ اللهُ: وهذا أيضًا -أي الرجم- ثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من قوله وفِعْله حيث رجم، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام، والثيب بالثيب الجلد والرجم" (١)، وكذلك الحال بالنسبة للصلاة فإنه ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أن أمر الحائض أن تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة كما في حديث عائشة المتفق عليه (٢) وغيره. فألزمهم الحجة.

ولا عبرة بخلاف الخوارج هنا، فهم الذين خرجوا على الأئمة واستباحوا دماء المسلمين وقاتلوهم وبدأ خروجهم في زمن علي -رضي الله عنه- (٣)، وشُغِلت الدولة الإسلامية عن الفتح والقيام بشؤون المسلمين بجهادهم ومقاتلتهم، وكم ذهب من دماء المسلمين وكم مُزِّقت من صفوف وكم تأثر المسلمون بأولئك وأمثالهم ممن خرجوا عن الطريق السَّوِي.


(١) أخرجه مسلم (١٦٩٠)، عن عبادة بن الصامت.
(٢) أخرجه البخاري (٣٢١)، ومسلم (٣٣٥) عن معاذة، أن امرأة قالت لعائشة: أتجزي إحدانا صلاتها إذا طهرت؟ فقالت: أحرورية أنت؟ "كنا نحيض مع النبي -صلى الله عليه وسلم- فلا يأمرنا به" أو قالت: فلا نفعله.
(٣) أخرج البخاري (٦١٦٣) عن أبي سعيد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال في وصف الخوارج وخروجهم على علي: "يخرجون على حين فُرْقة من الناس، آيتُهم رجل إحدى يديه مثل ثَدْي المرأة، أو مثل البَضْعة تَدُرْدِرُ" قال أبو سعيد: أشهد لسمعته من النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأشهد أني كنت مع علي حين قاتلهم، فالتمس في القتلى فأتي به على النعت الذي نعت النبي -صلى الله عليه وسلم-.

<<  <  ج: ص:  >  >>