للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن اعترض عليه بأنه استدلال ضعيف من وجهين:

الوجه الأول: أن القول بدليل الخطاب ضعيف، ومن أهل العلم من أنكر دلالته أصلًا.

الوجه الثاني: إن قلنا بمفهوم المخالفة فهو مقيد بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يتوارث أهل ملتين شتى" (١).

القول الثالث: توارث اليهود والنصارى والصائبين من بعضهم، والمجوس ومن لا كتاب له من بعضهم، وبه قال جماعة من السلف كشريح وابن أبي ليلى (٢).

• قوله: (وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى مِثْلُ قَوْلِ مَالِكٍ).

قول مالك المشار إليه هو ما قدمه من قوله: "فذهب مالك وجماعة أن أهل الملل المختلفة لا يتوارثون كاليهود والنصارى".

وقول ابن أبي ليلى الأول، هو المشار إليه بقوله: "وكان شريح، وابن أبي ليلى وجماعة يجعلون الملل التي لا تتوارث ثلاثًا: النصارى واليهود والصابئين ملة، والمجوس ومن لا كتاب له ملة، والإسلام ملة".

فأفاد -رحمه الله - أن ابن أبي ليلى له قول موافق لقول مالك أن أهل الملل كاليهود والنصارى لا يتوارثون.


= ويسمى مفهومًا؛ لأنه مفهوم مجرد لا يستند إلى منطوق، وإلا فما دل عليه المنطوق - أيضًا - مفهوم، وربما سمي هذا دليل الخطاب، ولا التفات إلى الأسامي، وحقيقته: أن تعليق الحكم بأحد وصفي الشيء يدل على نفيه عما يخالفه في الصفة". انظر: "المستصفى" (ص ٢٦٥).
(١) تقدم تخريجه.
(٢) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٥/ ٣٧١)، قال: "وقال شريح القاضي ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى … : يجعلون الكفر ثلاث ملل: اليهود والسامرة ملة، والنصارى والصابئون ملة، والمجوس وَمَن لا دين له ملة، والإسلام ملة على اختلاف عن شريك وابن أبي ليلى في ذلك أيضًا؛ لأنهما قد روي عنهما مثل قول مالك أيضًا في ذلك".

<<  <  ج: ص:  >  >>