للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعمدة مالك ومن قال بقوله ما روى الثقات عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ".

وهذا الحديث يحتمل احتمالين: إما أن يكون دليلًا لمالك؛ لأن اليهودية ملة، والنصرانية ملة، ويحتمل: أنه دليل التوارث؛ لأن الكفار بعضهم من بعض؛ قال في "معالم السنن" (٤/ ١٠١ - ١٠٢): "عموم هذا الكلام يوجب أن لا يرث اليهودي النصراني ولا المجوسي اليهودي، وكذلك قال الزهري وابن أبي ليلى وأحمد بن حنبل.

وقال أكثر أهل العلم: الكفر كله ملة واحدة يرث بحضهم بعضًا، واحتجوا بقول الله سبحانه {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال: ٧٣] وقد علق الشافعي القول في ذلك وغالب مذهبه أن ذلك كله سواء".

• قوله: (وَعُمْدَةُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ"، وَذَلِكَ أَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ هَذَا بِدَلِيلِ الْخِطَابِ أَنَّ الْمُسْلِمَ يَرِثُ الْمُسْلِمَ وَالْكَافِرَ يَرِثُ الْكَافِرَ. وَالْقَوْلُ بِدَلِيلِ الْخِطَابِ فِيهِ ضَعْفٌ وَخَاصَّةً هُنَا).

دليل الخطاب، هو مفهوم المخالفة، وقوله: "فيه ضعف"؛ يعني: الضعف النسبي بالنسبة للمنطوق، والعموم، وغيرها من الأدلة، ولا يقصد أنه ليس بحجة، فالجمهور يحتج بدليل الخطاب في الجملة، وإنما هذا نظير قوله -رحمه الله - (٣/ ٢١١): "إنما الربا في النسيئة"، وهذا ليس يفهم منه إجازة التفاضل إلا من باب دليل الخطاب، وهو ضعيف، ولا سيما إذا عارضه النصُّ.

وقوله: "خاصة هنا"؛ لأن المفهوم هنا مفهوم لقب، و"اللقب": تعليق الحكم باسم عام، وهو أضعف صور مفهوم المخالفة.

قال في مراقي السعود:

أَضْعَفُهَا اللَّقَبُ وَهُوَ مَا أُبِي … من دُويهِ نَظْمُ الْكَلَامِ الْعَرَبِي

<<  <  ج: ص:  >  >>