للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي تسير عليها، سنجد أن المدين إنسان تراكمت عليه الديون وتكاثرت عليه الهموم، فهو بحاجة إلى الرأفة، والتخفيف عليه، وإيجاب الزكاة عليه فيه تحميل وحرج.

* قوله: (لِقَوْلِهِ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- فِيهَا: "صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ، وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ" (١)، وَالمَدِينُ لَيْسَ بِغَنِيٍّ).

فالإنسان الذي عنده مال وعليه دين يستغرقه جميع المال، أو يستغرق ما تجب فيه الزكاة، هذا لا يُسمَّى غنيًّا، والرسول -عليه الصلاة والسلام- قال: "تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم" (٢)، والزكاة مواساة شرعت مواساة للفقراء، وهذا في حاجة للمواساة.

* قوله: (وَأَمَّا مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الحُبُوبِ وَغَيْرِ الحُبُوبِ، وَبَيْنَ النَّاضِّ وَغَيْرِ النَّاضِّ، فَلَا أَعْلَمُ لَهُ شُبْهَةً بَيِّنَةً).

يذكر المؤلف أن هناك فريقًا من العلماء فرَّق بين الحبوب وغير الحبوب وبين الناض وبين غير الناضِّ، وذكر أنه لا يعلم دليلًا لما ذهبوا إليه، ولكننا نقول: بل لهذا الفريق وجهة نظر.

فقد قالوا: إن الأموال الباطنة لا ترى، وأما الأموال الظاهرة كالمواشي والحب فإنها ترى، والأموال الظاهرة قلوب الفقراء متعلقة بها، لأن أعينهم تنظر إليها فتتوق أنفسهم وأفئدتهم إليها.

ويقولون أيضًا: نحن نجد أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يرسل السعاة ليخرصوا الحبوب والثمار، وليأخذوا الزكاة من الماشية، فأرسل عبدَ اللَّه بنَ رواحة إلى اليهود ليخرص عليهم (٣)، وكذلك فعل خلفاؤه من بعده: أبو


(١) تقدم تخريجه.
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) أخرجه أبو داود (١٦٠٦) عن عائشة -رضي اللَّه عنها-: أنها قالت وهي تذكر شأن خيبر: "كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يبعث عبد اللَّه بن رواحة إلى يهود فيخرص النخل حين يطيب قبل أن يؤكل منه". وضعفه الألباني في "إرواء الغليل" (٨٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>