للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَلَزِمَ أَنْ يَبْدَأ بِالصَّلَاةِ مَرَّةً ثَانِيَةً (١)).

قَدْ تتعجَّب وتقول: لماذا يختلف الفقهاء في مثل هذا، أليست الطهارة من الجنابة شرطًا من شروط صحة الصلاة؟

والجواب: أنَّ الخلافَ قائمٌ على أصل مسألتنا: هل صحة صلاة المأموم مرتبطة في كُلِّ الصور بصلاة الإمام؟ أم هناك صورٌ لا يَرْتبط فيها المأموم بالإمام.


= رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كبَّر في صلاةٍ من الصلوات، ثمَّ أشار بيده أن امكثوا، ثم رجع وعلى جلده أثر الماء. وفي حَدِيثٍ آخَر: "إنَّما أنا بَشرٌ، وإنِّي كنت جنبًا وأُنْسيت"، ولأن بطلان طهارة الإمام على غير وجه العمد لا تُوجب بطلان صلاة المأموم إذا لم يتابعه مع العلم، ولا ينسب إلى تفريط، أصله مَنْ سبقه الحدث، ولا يلزم عليه إذا تعمد بهم؛ لأنَّ بطلانَ صلاتهم هناك لفسقه، ولأنه فسادٌ اتصل بحكم الصلاة من جهة الإمام في طهارته عن غير قصدٍ منه، فلم يتعد إلى صلاة المأموم".
(١) قال العمراني في حديث أبي بكرة السابق: "فلم يأمرهم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بالإعادة، وإنما أومَأَ إليهم؛ لأن الكلام إلى المُصلِّي يكره". انظر: "البيان" (٢/ ٤٠١).
وذكر السمعاني في الرد على الأحناف ما يدل على عدم تعلق صلاة المأموم بالإمام، فقال: "وأمَّا الدليل على عدم التعلُّق: أن الوارد في الشرع هو فعل الجماعة، وفِعْلُ الجَماعة يوجب الاجتماع على أداء الصلاة، واقتداء المؤتم يوجب متابعة الإمام في الأفعال الظاهرة، فإذا اجتمع القوم على فِعْلِ الصلاة، ووجدت المتابعة من المؤتم في الأفعال الظاهرة، فقد تمت الجماعة، ثم الاقتداء والاتباع فعل كل واحد من القوم فيما وراء هذا، كمنفرد بالصلاة، فيؤدي على حسب ما يختاره وما ينوبه، وهو مثل الإمام، فإنه مَتْبوعٌ في الأفعال الظاهرة، فإذا تَمَّت المتبوعية بوجود صورة الأفعال منه على ما تَبعَه فيها المقتدي به، كان فيما وراء ذلك بمنزلة منفرد بالصلاة يؤدي صلاةً على حسب اختياره ونيَّته، كَذَلك هاهنا". انظر: "الاصطلام في الخلاف بين الإمامين الشافعي وأبي حنيفة" (١/ ٢٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>