للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفرَّق مالكٌ بين العلم بالجنابة والجهل بها؛ فلو علم تبطل الصلاة، ولو جهل لا تبطل.

وَهنا قَدْ علَّق مَالكٌ -رَحِمَهُ اللَّهُ- الحكمَ في المسألة على أمرٍ خارج عن المسألة التي معنا.

* قوله: (وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ: هَلْ صِحَّةُ انْعِقَادِ صَلَاةِ المَأْمُومِ مُرْتَبِطَةٌ بِصِحَّةِ صَلَاةِ الإِمَامِ أَمْ لَيْسَتْ مُرْتَبِطَةً؟ فَمَنْ لَمْ يَرَهَا مُرْتَبِطَةً قَالَ: صَلَاتُهُمْ جَائِزَةٌ (١). وَمَنْ رَآهَا مُرْتَبِطَةً، قَالَ: صَلَاتُهُمْ فَاسِدَةٌ (٢)، وَمَنْ فَرَّقَ بَيْنَ السَّهْوِ وَالعَمْدِ قَصَدَ إلى ظَاهِرِ الأَثَرِ المُتَقَدِّمِ، وَهُوَ: "أَنَّهُ -عَلَيْهِ الصلَاةُ وَالسَّلَامُ- كَبَّرَ فِي صَلَاةٍ مِنَ الصَّلَوَاتِ، ثُمَّ أَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنِ امْكُثُوا، فَذَهَبَ، ثُمَّ رَجَعَ وَعَلَى جِسْمِهِ أَثَرُ المَاءِ" (٣)، فَإِنَّ ظَاهِرَ هَذَا أَنَّهُمْ بَنَوْا عَلَى صَلَاتِهِمْ (٤). وَالشَّافِعِيُّ يَرَى أَنَّهُ لَوْ كَانَتِ الصَّلَاةُ مُرْتَبِطَةً،


(١) قال الماوردي: "ودليلنا: ما رواه أبو هريرة: "أنَّ رسول اللَّه كَبَّر في صلاةٍ من الصلوات، وذكر أنه جنبٌ، فقال للقوم: امكثوا، ثم رجع واغتسل، وجاء رأسه يقطر ماءً"، فوجه الاستدلال فيهما من وجهين:
أحدهما: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إذا أُقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني".
والثاني: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أشار إليهم بالوقوف، ولو كان ذلك قبل إحرامهم لأمرهم بالقعود؛ فدل أمره -صلى اللَّه عليه وسلم- بالوقوف على تقديم إحرامهم.
وروي عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال في الإمام: "إن أتمَّ فله ولكم، وإن أساء فعليه دونكم"، فكان على عمومه في كل حال. وروى كثير بن الصلت، عن عمر: "أنَّه صلى الصبح جنبًا، فأعاد الصلاة وحده، ولم يعيدوا، بل هَمَّ بعضهم بالإعادة فمنعه"، وروي نحوه عن عثمان، وليس لهما في الصحابة مخالف؛ فدل على أنه إجماع". انظر: "الحاوي الكبير" (٢/ ٢٣٨، ٢٣٩).
(٢) انظر: سبق نقل تعليل قول الأحناف في كلام القدوري.
(٣) وهو حديث أبي هريرة في "الصَّحيحَين"، وقد تقدم تخريجه.
(٤) انظر: "الإشراف على نكت مسائل الخلاف"، للقاضي عبد الوهاب (١/ ٢٧٩، ٢٨٠)، وفيه قال: "فدليلنا قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "رُفِعَ عن أُمَّتي الخَطأ والنِّسيان"، وروي أن =

<<  <  ج: ص:  >  >>