للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الميراث، فنظر في كتاب الله فلم يجد شيئًا، ثم نظر في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما يحفظ، إلى أن أخبره أحد الصحابة، وهو المغيرة بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أعطاها السدس فقضى بذلك (١).

وهذا هو شأن الصحابة - رضي الله عنهم -: أنهم كانوا في أي أمر من الأمور إذا طُرِحت أمامهم مسألة فيعرض ذلك على كتاب الله، فإن وجد الحل في ذلك وقف عنده، وإن لم يجد رجع إلى سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فهي المرجع الثاني بعد كتاب الله، فإذا لم يجد اجتهد برأيه كما أوصى بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معاذ بن جبل - رضي الله عنه - حين أرسله إلى اليمن (٢).

قوله: (وَأَمَّا الْقِيَاسُ الْمُعَارِضُ لِهَذَا فَهُوَ أَنَّ الصدَاقَ عِوَضٌ، فَلَمَّا لَمْ يُقْبَضِ الْمُعَوَّضُ لَمْ يَجِبِ الْعِوَض، قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ، وَقَالَ الْمُزَنِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ فِي هَذه الْمَسْأَلَةِ: إِنْ ثَبَتَ حَدِيثُ بِرْوَعَ فَلَا حُجَّةَ فِي قَوْلِ أَحَدٍ مَعَ السُّنَّةِ، وَالَّذِي قَالَهُ هُوَ الصَّوَاب، وَاللَّهُ أَعْلَمُ).

وهذا هو المنهج الذي سار عليه الإمام الشافعي - رحمه الله - ووضعه أساسًا وقاعدةً في مذهبه، وأشار إليه في كتبه التي دونها بقلمه، وبيَّن أنه لو صحَّ حديثٌ لم يصح عنده فهو مذهبه، فهذا هو شأن العلماء العاملين،


(١) أخرجه أبو داود (٢٨٩٤) وغيره عن قبيصة بن ذؤيب أنه قال: "جاءت الجدة إلى أبي بكر الصديق، تسأله ميراثها؟ فقال: ما لك في كتاب الله تعالى شيء، وما علمت لك في سنة نبي الله - صلى الله عليه وسلم - شيئًا، فارجعي حتى أسأل الناس، فسأل الناس، فقال المغيرة بن شعبة، حضرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعطاها السدس، فقال أبو بكر: هل معك غيرك؟ فقام محمد بن مسلمة، فقال مثل ما قال المغيرة بن شعبة، فأنفذه لها أبو بكر … " الحديث. وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود - الأم" (٤٩٧).
(٢) أخرجه أبو داود (٣٥٩٢)، وغيره، وفيه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما أراد أن يبعث معاذًا إلى اليمن قال: "كيف تقضي إذا عرض لك قضاء؟ "، قال: أقضي بكتاب الله، قال: "فإن لم تجد في كتاب الله؟ "، قال: فبسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: "فإن لم تجد في سنة رسول الله ولا في كتاب الله؟ " قال: أجتهد رأيي ولا آلو؛ فضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صدره، وقال: "الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله". وضعفه الألباني في "السلسلة الضعيفة" (٨٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>