للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصحيح أن الرَّسولَ -صلى اللَّه عليه وسلم- جَاء عنه ما يدلُّ علَى جواز ذلك؛ لأنه جَاء في حديث عائشة المتفق عليه أنها قالت: "حججنا مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-" (١)، وفي روايةٍ: "خرجنا مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فمنَّا مَنْ أهلَّ بحجٍّ، ومنَّا مَنْ أهلَّ بعمرةٍ، ومنَّا مَنْ أهلَّ بحجِّ وعمرةٍ، وأهلَّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالحج" (٢).

وَمن العُلَماء مَنْ قال: أهلَّ بالحج فعلًا لا حكمًا؛ لأن فعلَه كفِعْلِ المفرد، وإلَّا فهو قارنٌ (٣)، ومنهم مَنْ قال: إنه أهلَّ بالحج أولًا، ثم أتاه جبريل، فَقَال له: "صَلِّ في هَذَا الوادي، وقُلْ: عمرة في حجَّة، أو عمرة وحجَّة" (٤)، فأدخل العمرة على الحج.

* قوله: (وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ: لَا يَدْخُلُ حَجٌّ عَلَى عُمْرَةٍ، وَلَا عُمْرَةٌ عَلَى حَجٍّ) (٥).

وهذا قولٌ ضعيفٌ.


(١) لم نقف على هذه الرواية.
(٢) أخرجها البخاري (٣١٩)، ومسلم (١١٢ - ١١١٢)، ومراد الشارح أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان مفردًا للحج، وأدخل عليه العمرة. وينظر: "شرح النووي على مسلم" حيث قال: "وطريق الجمع بينها ما ذكرت أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- كان أولًا مفردًا، ثم صار قارنًا، فمَنْ روى الإفراد هو الأصل، ومن روى القران اعتمد آخر الأمر، ومن روى التمتع أراد التمتع اللُّغوي وهو الانتفاع والارتفاق، وقد ارتفق بالقران كارتفاق المتمتع، وزيادة في الاقتصار على فعل واحد، وبهذا الجمع تنتظم الأحاديث كلها".
(٣) وهذا على قول من نفى حج النبي مفردًا، فإنه تأول قول عائشة: "وأهلَّ رسول اللَّه بالحج" على أن المقصود بهذا الفعل لا الحكم، وإلا فقد ثبت عنه أنه ما حج إلا قارنًا، وتقدَّم قبل قليل.
(٤) أخرجه البخاري (٧٣٤٣)، حدثني عكرمة، قال: حدثني ابن عباس، أن عمر -رضي اللَّه عنه- حدثه قال: حدثني النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "أتاني الليلة آتٍ من ربي، وهو بالعقيق، أَنْ صلِّ في هذا الوادي المبارك، وقل: عمرة وحجة"، وقال هارون بن إسماعيل: حدثنا علي: "عمرة في حجة".
(٥) يُنظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٤/ ٦٤)، حيث قال: "وقال أبو ثور: إذا أحرم بحجة، فليس له أن يضم إليها أُخرى، وإذا أهلَّ بعمرة فلا يدخل عليها حجة، ولا يدخل إحرام على إحرام، كما لا تدخل صلاةٌ على صلاةٍ".

<<  <  ج: ص:  >  >>