للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمَعْنى: أَنْ تكونَ قارنًا، فهَلْ لك أن تدخل عليها الحج؟ يقولون: هذا جائز ومتفق عليه؛ لأنَّ إدخال الأَكْبَر على الأصغر غير مَمْنوع، وعائشة قَدْ فَعلَتْ ذلك عندما حاضت؛ لأنَّ الرَّسُول -صلى اللَّه عليه وسلم- أمَرها أن تُهِلَّ إلَّا بالحج، فكانت قارنةً (١).

* قوله: (وَيَخْتَلِفُونَ فِي إِدْخَالِ العُمْرَةِ عَلَى الحَجِّ) (٢).

وَقَد اختلفوا؛ لأن في ذلك إدخالًا للأصغر على الأكْبَر، فالأَكْبَر هو الحجُّ، وكونك تضيف العُمْرة إليه، فإنَّك قَدْ أدخلت الأصغر على الأَكْبَر، والحنابلة يَرَون أنَّ ذلك لا يجوز (٣)، وَفيه خلافٌ في المَذْهب (٤)، لكن


(١) أخرجه البخاري (١٥٥٦)، ومسلم (١٢١١)، عن عائشة -رضي اللَّه عنها-، زوج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قالت: خرجنا مع النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في حجة الوداع، فأهللنا بعمرةٍ، ثم قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ كان معه هديٌ، فليهلَّ بالحج مع العمرة، ثمَّ لا يحل حتى يحل منهما جميعًا"، فقدمت مكة وأنا حائضٌ، ولم أطف بالبيت، ولا بين الصفا والمروة، فشكوت ذلك إلى النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: "انقضي رأسك وامتشطي وأهلِّي بالحج، ودعي العمرة".
(٢) وهو جائز عند الحنفية خلافًا للمالكية والشافعية والحنابلة.
ولمذهب الحنفية، يُنظر: "حاشية ابن عابدين" (٢/ ٥٣٠)، حيث قال: " (والقرانُ) لغةً الجمعُ بين شيئين. وشرعًا (أن يهل)؛ أي: يرفع صوته بالتلبية (بحجة وعمرة معًا) حقيقة، أو حكمًا بأن يحرم بالعمرة أولًا، ثم بالحج قبل أن يطوف لها أربعة أشواط، أو عكسه بأن يدخل إحرام العمرة على الحج قبل أن يطوف للقدوم".
لمذهب المالكية، يُنظر: "الشرح الكبير" للدسوقي (٢/ ٢٧)، حيث قال: " (ولغا عمرة) لغا -بفتح اللام والغين المحجمة- كرمى فعل لازم بمعنى بطل وعمرة فاعله، أي: وبطلت عمرة أردفت (عليه)؛ أي: على الحج لضعفها وقوته".
ولمذهب الشافعية، يُنظر: "نهاية المحتاج" للرملي (٣/ ٣٢٣): " (ولا يجوز عكسه) وهو إدخال العمرة على الحج (في الجديد)؛ لأنه لا يستفيد به شيئًا بخلاف الأول يستفيد به الوقوف والرمي والمبيت؛ ولأنه يمتنع إدخال الضعيف على القوي".
ولمذهب الحنابلة، يُنظر: "الإقناع في فقه الإمام أحمد بن حنبل" للحجاوي (١/ ٣٥٠)، حيث قال: "وإن أحرم بالحج، ثم أدخل عليه العمرة، لم يصح إحرامه بها، ولم يصر قارنًا".
(٣) تقدَّم.
(٤) يُنظر: "الإنصاف" للمرداوي (٨/ ١٦٧)، حيث قال: "وقيل: يجوز إدخال العمرة على الحج ضرورة".

<<  <  ج: ص:  >  >>